الجيلي لأنه وسعها وسكن بها ، فعُرفت به . وللمخرّمي ذرية فيهم شيوخ تصوف ، ورؤساء ذوو ولايات ، ورواة حديث . ولأبي سعد المخرمي مع ابن عقيل مناظرة في مسألة بيع الوقف إذا خرب وتعطل . ونحن نذكر مضمون المناظرة ملخصًا : قال ابن عقيل : أنا أخالف صاحبي في هذه ة لدليل عرض لي ، وهو أنَّ الباقي بعد التعطل والدروس صالح لوقوع البيع وابتداء الوقف عليه ، فإنه يصحُ وقف هذه الأرض العاطلة ابتداء ، فالدوام أولى . ألا ترى أن الرّدَّة والعدة يمنعان ابتداء النكاح ، ولا يمنعان دوامه ؟ اعترض عليه المخرَّمي ، فقال : يحتمل أن لا أسلم ما عولت عليه في صحة إنشاء وقفها ، بل لا يصح وقف ما يجب نقله ؟ قال ابن عقيل : هذا لا يجوز أن يقال جملة ، فإنك تقول : تباع ويُصرف ثمنها في وقف آخر . فهذه المالية التي قبلت البيع ، وهو عقد معاوضة مستأنف كيف لا يصلح لبقاء دوام عقد قد انعقد بشروطه ؟ وكثر ما يقدر أن المسجد بقي في بَريَّة ، فيصالح لصلاة المارة والقوافل ، ويصحّ أن يستأجر البقعة أهلُ قافلة لإيقاف دوابهم ، وطرح رحالهم ، وهذا القدر من بقاء مالية الأصل والمنافع ، وقبلها للعقود المستجدة ، لا يجوز معه قطع دوام الوقف . قلتُ : هذا ليس بجوابٍ لما قاله المخرَّمي من منع صحة إنشاء وقفها ، فإن أكثر ما يفيد هذا : أن وقفيتها لم تزل بالخراب ، والمخرمي موافق على ذلك ، ولكنه يقول : إنه يجوز أو يجبُ بيعها وصرف ثمنها إلى مثلها ، وهذا شيء آخر . ولم يستدل ابن عقيل على صحة إنشاء وقفها . فإن قال : فإذا صح إنشاء عقد البيع عليها صح إنشاء الوقف . قلنا : هذا ممنوع ، فكم من عين يصحّ بيعها ، ولا يصح وقفها . فإن الواقف إنما يصح في عين يدوم نفعها مع بقائها . ولو جاز وقفُ ما يجب بيعه ونقله لجاز بيع