من العصمة ، وقصر محبتي على العلم وأهله ، فما خالطتُ لعَّابًا قط ، ولا عاشرتُ إلا أمثالي من طلبة العلم . قال : والغالب على أحداث طائفة أصحاب أحمد العفة ، وعلى مشايخهم الزهادة والنظافة . آخر كلامه . والأذية التي ذكرها من أصحابه له ، وطلبهم منه هجران جماعة من العلماء ، نذكر بعض شرحها . وذلك : أن أصحابنا كانوا ينقمون على ابن عقيل تردده إلى ابن الوليد ، وابن التبان شيخي المعتزلة . وكان يقرأ عليهما في السر علم الكلام ، ويظهر منه في بعض الأحيان نوع انحراف عن السنة ، وتأول لبعض الصفات ، ولم يزل فيه بعض ذلك إلى أن مات رحمه الله . ففي سنة إحدى وستين اطلعوا له على كتب فيها شيء من تعظيم المعتزلة ، والترحُّم على الحلاَّج وغير ذلك . ووقف على ذلك الشريف أبو جعفر وغيره ، فاشتد ذلك عليهم ، وطلبوا أذاه ، فاختفى . ثم التجأ إلى دار السلطان ، ولم يزل أمره في تخبيط إلى سنة خمس وستين ، فحضر في أولها إلى الديوان ، ومعه جماعة من الأصحاب ، فاصطلحوا ولم يحضر الشريف أبو جعفر لأنه كان عاتبًا على ولاة الأمر بسبب إنكار منكر قد سبق ذكره في ترجمته . فمضى ابن عقيل إلى بيت الشريف وصالحه وكتب خَطّه : يقول علي بن عقيل بن محمد : إني أبرأ إلى الله تعالى من مذاهب مبتدعة الاعتزال وغيره ، ومن صحبة أربابه ، وتعظيم أصحابه ، والترحم على أسلافهم ، والتكثر بأخلاقهم . وما كنت علّقته ، ووُجد بخَطّي من مذاهبهم وضلالتهم فأنا تائب إلى الله تعالى من كتابته . ولا تَحل كتابته ، ولا قراءته ، ولا اعتقاده . وإنني علقت مسألة في جملة ذلك . وإن قوماً قالوا : هو أجساد سود .