لم يحْظ به أحد من أصحابه مع حداثة سني . والشيخ أبو إسحاق الشيرازي ، إمام الدنيا وزاهِدُها ، وفارسُ المناظرة وواحدها . كان يُعَلمني المناظرة ، وانتفعتُ بمصنَّفاته . وأبو نصر بن الصباغ ، وأبو عبد الله الدامغاني ، حضرت مجالس درسه ونظره . وقاضي القضاة الشامي انتفعت به غاية النفع ، وأبو الفضل الهمذاني . وأكبرهم سنًا وأكثرهم فضلاً : أبو الطيب الطبريّ حظيتُ برؤيته ، ومشيت في ركابه . وكانت صحبتي له حين انقطاعه عن التدريس والمناظرة ، فحظيت بالجمال والبركة . ومن مشايخي : أبو محمد التميمي . كان حسنة العالم ، وماشطة بغداد . ومنهم : أبو بكر الخطيب . كان حافظ وقته . وكان أصحابنا الحنابلة يريدون مني هجران جماعة من العلماء . وكان ذلك يحرمني علمًا نافعًا . وأقبل علي أبو منصور بن يوسف ، فحظيتُ منه بأكبر حظوة . وقدمني على الفتاوى ، مع حضور من هو أسن مني ، وأجلسني في حلقة البرامكة ، بجامع المنصور ، لما مات شيخي سنة ثمان وخمسين . وقام بكل مؤونتي وتحملي ، فقمتُ من الحلقة أتتبع حلق العلماء لتلقط الفوائد . وأما أهل بيتي : فإن بيت أبي كلهم أرباب أقلام ، وكتابة ، وشعر ، وآداب . وكان جدّي محمد بن عقيل كاتب حضرة بهاء الدولة . وهو المنشئ لرسالة عزل الطايع وتولية القادر ووالدي أنظر الناس وأحسنهم جزلاً وعلمًا . وبيت أبي بيت الزهري صاحب الكلام والدرس على مذهب أبي حنيفة . وعانيتُ من الفقر والنسخ بالأجرة ، مع عفة وتقى . ولا أزاحم فقيهًا في حلقة ، ولا تطلب نفسي رتبة من رتب أهل العلم القاطعة لي عن الفائدة . وتقلبت عليَّ الدول فما أخذتني دولة سلطان ولا عامة عما أعتقده أنه الحق ، فأوذيت من أصحابي حتى طلب الدم وأوذيت في دولة النظام بالطلب والحبس - فيا من خفت الكل لأجله ، لا تخيب ظني فيك - وعصمني الله تعالى في عنفوان شبابي بأنواع