فكم قائل أغفلته وهو حاضر * وأطلب ما عنه تجئ به الكتب هنالك يدري أن للبعد قصة * وأن كساد العلم آفته القرب فوا عجبا ! من غاب عنهم تشوقوا * له ودنو المرء من دارهم ذنب ولما بلغ أبو الوليد الثالثة والعشرين من عمره ، حفزته الرغبة الملحة لمشافهة الشيوخ بالمشرق والاخذ عنهم ، فارتحل سنة ( 426 ه ) ومر في طريقة بمصر وأخذ بها عن أبي محمد بن الوليد ، واتجه إلى مكة ولزم بها أبا ذر أزيد من ثلاثة أعوام حج فيها أربع حجج ، وكان يسكن معه بالسراة ويخدمه ويتصرف له في حوائجه . وسمع منه صحيح البخاري الذي تداول المحدثون روايته عن الباجي بالأندلس والمغرب كما سمع بها من الشيوخ الذين لقيهم هناك ، وسنترجم لجملة منهم فيما سيأتي . ثم قصد العراق عن طريق الكوفة التي استقر ودرس درس بها مدة ، ثم انتقل إلى بغداد ووجد فيها بيئة عليمة غير التي عرفها في سائر المدن والقرى التي أتيح له دخولها ، فأقام بها ثلاث أعوام يسمع الحديث ويدرس الفقه المالكي والشافعي والحنفي والحنبلي ، على الحفاظ والأئمة الاعلام ، وأصول الفقه والعقيدة على مختلف المذاهب ، بما في ذلك الأشعرية والمعتزلة . ( والتحق بالشام وسمع من ابن السمسار وطبقته ) . ثم دخل الموصل ولازم أبا جعفر السمناني الحنفي عاما يدرس عليه أصول الفقه والعقيدة وروى عنه كتبه وأدخلها إلى الأندلس .