لقد استطاعت هذه الأمة الصمود بالقوة الحيوية الكامنة في الاسلام ، وصلاحيته للحياة في كل عهد ، وفى كل محيط على امتداد التاريخ ، فهذه الرسالة من خصائصها الربانية ، وإيجابيتها في الحياة أنها تستطيع أن تواجه ما يتجدد من أطوار الحياة ، وتحل كل ما يعتريها من معضلات ، وقد منح الله هذه الأمة رجالا أقوياء في كل عصر ينقلون التعاليم الاسلامية ، ويعيدون إلى هذه الأمة نشاطها . لقد قام كل عالم بدوره ، وساهم بقسطه ، وكل كان مرابطا على ثغر من ثغور الاسلام ، وكل كان سهما مصيبا في كنانة الاسلام ، فأمتنا ذات تراث واحد : روحي ، وعقلي ، وأدبى ، ولسنا بمجال الحديث عن مدى ازدهار تلك الحركة العملية الكبيرة ، والفقه ، والتاريخ ، وعلماء أفذاذ في مجالات الطب والعلوم والفلك ، إنما نريد أن نلفت الانتباه إلى أن كل علماء هذه الأمة وفى كل فرع من فروع العلم كانوا يكملون بعضهم مما هيأ للنهضة العلمية الكبرى التي أسلفنا الذكر عنها ، إذ تعاون علماء الأمد في كل فرع من فروع العلم ، حتى صار هذا العلم تراثا مشتركا واضحا . كان من نعمة الله على الحافظ الحسيني أنه كان من العلماء المجاهدين ، ومن الصفوة التي اجتباها الله ، نافح بكلمته الشريفة ، وقضى حياته عالما عاملا لمناصرة دين الله ، وإعزاز كلمته . فبعد أن حفظ القرآن الكريم ، توجه إلى كتب الحديث منذ فترد مبكرة فحفظ المتون ، واهتم بالرواة ، وتتلمذ على الذهبي ، وسمع جماعة من الأعيان منهم : محمد بن أبي بكر بن عبد الدائم ، ومحمد وزينب ولدا إسماعيل بن إبراهيم الخباز ، وأبو محمد بن أبي التائب ، والمسند المعمر :