نام کتاب : الأخبار الطوال نویسنده : ابن قتيبة الدينوري جلد : 1 صفحه : 188
حتى اختلفت أعناق فرسيهما بين الصفين ، فقال : ( إن لك قدما في الإسلام ليس لأحد ، وهجرة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وجهادا ، فهل لك أن تحقن هذه الدماء ، وتؤخر هذه الحرب برجوعك إلى عراقك ، ونرجع إلى شامنا الان تنظر وننظر في أمرنا ؟ ) . فقال علي : ( يا هذا ، إني قد ضربت أنف هذا الأمر وعينيه ، فلم أجده يسعني إلا القتال أو الكفر بما أنزل الله على محمد ، إن الله لا يرضى من أوليائه أن يعصى في الأرض ، وهم سكوت ، لا يأمرون بمعروف ولا ينهون عن منكر ، فوجدت القتال أهون من معالجة الأغلال في جهنم ) . قال : فانصرف الشامي ، وهو يسترجع ، ثم اقتتلوا حتى تكسرت الرماح ، وتقطعت السيوف ، وأظلمت الأرض من القتام [1] ، وأصابهم البهر [2] ، وبقي بعضهم ينظر إلى بعض بهيرا . فتحاجزوا بالليل ، وهو ليلة الهرير . ثم أصبحوا غداة هذه الليلة ، واختلط بعضهم ببعض يستخرجون قتلاهم ويدفنونهم . ثم إن عليا قام من صبيحة ليلة الهرير في الناس خطيبا ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : ( أيها الناس ، إنه قد بلغ بكم وبعدوكم الأمر إلى ما ترون ، ولم يبق من القوم إلا آخر نفس ، فتأهبوا رحمكم الله لمناجزة عدوكم غدا ، حتى يحكم الله بيننا وبينهم ، وهو خير الحاكمين ) . وبلغ ذلك معاوية ، فقال لعمرو : ( ما ترى ، فإنما هو يومنا هذا وليلتنا هذه ؟ ) ، فقال عمرو : ( إني قد أعددت بحيلتي أمرا أخرته إلى هذا اليوم ، فإن قبلوه اختلفوا ، وإن ردوه تفرقوا ، قال معاوية : ( وما هو ؟ ) قال عمرو : ( تدعوهم إلى كتاب الله حكما بينك وبينهم ، فإنك بالغ به حاجتك ) . فعلم معاوية أن الأمر كما قال . قالوا : وأن الأشعث بن قيس قال لقومه ، وقد اجتمعوا إليه : ( قد رأيتم ما كان في اليوم الماضي من الحرب المبيرة [3] . وأنا والله إن التقينا غدا ، إنه لبوار العرب وضيعة الحرمات ) .
[1] الغبار . [2] البهر : انقطاع النفس أو تتابعه من الإعياء وهو وهو مبهور وبهير . [3] المسرفة في إهلاك الناس .
188
نام کتاب : الأخبار الطوال نویسنده : ابن قتيبة الدينوري جلد : 1 صفحه : 188