نام کتاب : الأخبار الطوال نویسنده : ابن قتيبة الدينوري جلد : 1 صفحه : 182
فبات الفريقان طول تلك الليلة يتعبون للحرب ، ثم غدوا على مصافهم ، وحمل الفريقان بعضهم على بعض ، وحمل حبيب بن مسلمة ، وكان على ميسرة معاوية ، على ميمنة علي رضي الله عنه ، فانكشفوا وجالوا جولة ، ونظر علي إلى ذلك ، فقال لسهل بن حنيف : ( انهض فيمن معك من أهل الحجاز حتى تعين أهل الميمنة ، فمضى سهل فيمن كان معه من أهل الحجاز نحو الميمنة ، فاستقبلهم جموع أهل الشام ، فكشفوه ومن معه حتى انتهوا إلى علي ، وهو في القلب ، فجال القلب وفيه على جولة ، فلم يبق مع علي إلا أهل الحفاظ والنجدة ، فحث علي فرسه نحو ميسرته ، وهم وقوف يقاتلون من بإزائهم من أهل الشام ، وكانوا ربيعة . قال زيد بن وهب : فإني لأنظر إلى علي ، وهو يمر نحو ربيعة ، ومعه بنوه : الحسن والحسين ومحمد ، وإن النبل ليمر بين أذنيه وعاتقه ، وبنوه يقونه بأنفسهم ، فلما دنا علي من الميسرة ، وفيها الأشتر ، وقد وقفوا في وجوه أهل الشام يجالدونهم ، فناداه علي ، وقال : ( إيت هؤلاء المنهزمين ، فقل : أين فراركم من الموت الذي لم تعجزوه إلى الحياة التي لا تبقى لكم ) . فدفع الأشتر فرسه ، فعارض المنهزمين ، فناداهم : ( أيها الناس ، إلي إلي ، أنا مالك بن الحارث ) فلم يلتفتوا إليه ، فظن أنه بالاستعراف ، فقال : ( أيها الناس أنا الأشتر ) فثابوا إليه ، فزحف بهم نحو ميسرة أهل الشام . فقاتل بهم قتالا شديدا حتى انكشف أهل الشام ، وعادوا إلى مواقفهم الأولى . ورتب الأشتر ميمنة علي رضي الله عنه والقلب مراتبهما قبل الجولة ، فلما عادوا إلى مواقفهم جعل على يسير في الصفوف ويؤنبهم على ما كان من جولتهم ، وذلك ما بين صلاة العصر والمغرب . قال : ثم إن أهل الشام حملوا على تميم ، وكانوا في الميمنة ، فكشفوهم ، فناداهم زحر [1] بن نهشل : يا بني تميم ، إلى أين ؟ قالوا : ( ألا ترى إلى ما قد غشينا ؟ ! )