نام کتاب : الأخبار الطوال نویسنده : ابن قتيبة الدينوري جلد : 1 صفحه : 181
تحت راياتهم ، ثم جعل يدور على رايات أهل الشام ، فيقول : ( من هؤلاء ؟ ) فيسمون له ، حتى إذا عرفهم ، وعرف مراكزهم ، قال لأزد الكوفة : ( اكفوني أزد الشام ) ، وقال لخثعم : ( اكفوني خثعم ) ، فأمر كل قبيلة من أهل العراق أن تكفيه أختها من أهل الشام ، ثم أمرهم أن يحملوا من كل ناحية حملة رجل واحد ، فحملوا ، وحمل علي رضي الله عنه على الجمع الذي كان فيه معاوية في أهل الحجاز من قريش والأنصار وغيرهم ، وكانوا زهاء اثني عشر ألف فارس ، وعلى إمامهم ، وكبروا وكبر الناس تكبيرة ارتجت لها الأرض ، فانتقضت صفوف أهل الشام ، واختلفت راياتهم ، وانتهوا إلى معاوية ، وهو جالس على منبره ، معه عمرو بن العاص ، ينظران إلى الناس ، فدعا بفرس ليركبه . ثم إن أهل الشام تداعوا بعد جولتهم ، وثابوا ، ورجعوا على أهل العراق ، وصبر القوم بعضهم لبعض إلى أن حجز بينهم الليل ، فقتل في ذلك اليوم أناس كثير من أعلام العرب وأشرافهم ، فلما أصبحوا دخل الناس بعضهم في بعض ، يستخرجون قتلاهم ، فيدفنونهم يومهم ذلك كله . ثم إن عليا قام في عشية ذلك اليوم في أصحابه فقال : ( أيها الناس ، اغدوا على مصافكم ، وازحفوا إلى عدوكم ، وغضوا الأبصار ، واخفضوا الأصوات ، وأقلوا الكلام ، وأثبتوا ، واذكروا الله كثيرا ، ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم ، واصبروا ، إن الله مع الصابرين ) . وقام معاوية في أهل الشام ، فقال : ( أيها الناس ، اصبروا وصابروا ، ولا تتخاذلوا لا تتواكلوا ، فإنكم على حق ، ولكم حجة ، وإنما تقاتلون من سفك الدم الحرام ، فليس له في السماء عاذر ) . وقام عمرو ، فقال : ( أيها الناس ، قدموا المستلئمة وأخروا الحسر [1] ، وأعيرونا جماجمكم اليوم ، فقد بلغ الحق مقطعة ، وإنما هو ظالم أو مظلوم ) .
[1] الحاسر خلاف الدارع ، ويقال للرجال في الحرب الحسر لأنه لا درع عليهم ولا بيض على رؤوسهم .
181
نام کتاب : الأخبار الطوال نویسنده : ابن قتيبة الدينوري جلد : 1 صفحه : 181