نام کتاب : معجم البلدان نویسنده : الحموي جلد : 1 صفحه : 267
أنطاكية ، وبينهما يوم وليلة ، فوجدنا المسافة التي بين حلب وأنطاكية عامرة لا خراب فيها أصلا ، ولكنها أرض تزرع الحنطة والشعير تحت شجر الزيتون ، قراها متصلة ورياضها مزهرة ومياهها منفجرة ، يقطعها المسافر في بال رخي وأمن وسكون . وأنطاكية : بلد عظيم ذو سور وفصيل ، ولسوره ثلاثمائة وستون برجا يطوف عليها بالنوبة أربعة آلاف حارس ينفذون من القسطنطينية من حضرة الملك يضمنون حراسة البلد سنة ، ويستبدل بهم في السنة الثانية ، وشكل البلد كنصف دائرة قطرها يتصل بجبل ، والسور يصعد مع الجبل إلى قلته فتتم دائرة ، وفي رأس الجبل داخل السور قلعه تبين لبعدها من البلد صغيرة ، وهذا الجبل يستر عنها الشمس فلا تطلع عليها إلا في الساعة الثانية ، وللسور المحيط بها دون الجبل خمسة أبواب ، وفي وسطها بيعة القسيان ، وكانت دار قسيان الملك الذي أحيى ولده فطرس رئيس الحواريين ، وهو هيكل طوله مائة خطوة وعرضه ثمانون ، وعليه كنيسة على أساطين ، وكان يدور الهيكل أروقة يجلس عليها القضاة للحكومة ومتعلمو النحو واللغة ، وعلى أحد أبواب هذه الكنيسة فنجان للساعات يعمل ليلا ونهارا دائما اثنتي عشرة ساعة وهو من عجائب الدنيا ، وفي أعلاه خمس طبقات في الخامسة منها حمامات وبساتين ومناظر حسنة تخر منها المياه ، وعلة ذلك أن الماء ينزل عليها من الجبل المطل على المدينة ، وهناك من الكنائس ما لا يحد كلها معمولة بالذهب والفضة والزجاج الملون والبلاط المجزع ، وفي البلد بيمارستان يراعي البطريك المرضى فيه بنفسه ويدخل المجذمين الحمام في كل سنة فيغسل شعورهم بيده ، ومثل ذلك يفعل الملك بالضعفاء كل سنة ويعينه على خدمتهم الاجلاء من الرؤساء والبطارقة التماس التواضع ، وفي المدينة من الحمامات ما لا يوجد مثله في مدينة أخرى لذاذة وطيبة لان وقودها الآس ومياهها تسعى سيحا بلا كلفة ، وفي بيعة القسيان من الخدم المسترزقة ما لا يحصى ، ولها ديوان لدخل الكنيسة وخرجها ، وفي الديوان بضعة عشر كاتبا ، ومنذ سنة وكسر وقعت في الكنيسة صاعقة وكانت حالها أعجوبة وذلك أنه تكاثرت الأمطار في آخر سنة 1362 للإسكندر الواقع في سنة 442 للهجرة ، وتواصلت أكثر أيام نيسان ، وحدث في الليلة التي صبيحتها يوم السبت الثالث عشر من نيسان رعد وبرق أكثر مما ألف وعهد ، وسمع في جملته أصوات رعد كثيرة مهولة أزعجت النفوس ، ووقعت في الحال صاعقة على صدفة مخبأة في المذبح الذي للقسيان فقلقت من وجه النسرانية قطعة تشاكل ما قد نحت بالفأس والحديد الذي تنحت به الحجارة ، وسقط صليب حديد كان منصوبا على علو هذه الصدفة وبقي في المكان الذي سقط فيه وانقطع من الصدفة أيضا قطعة يسيرة ، ونزلت الصاعقة من منفذ في الصدفة وتنزل فيه إلى المذبح سلسلة فضة غليظة يعلق فيها الثميوطون ، وسعة هذا المنفذ إصبعان ، فتقطعت السلسلة قطعا كثيرة وانسبك بعضها ووجد ما انسبك منها ملقى على وجه الأرض ، وسقط تاج فضة كان معلقا بين يدي مائدة المذبح ، وكان من وراء المائدة في غربيها ثلاثة كراس خشبية مربعة مرتفعة ينصب عليها ثلاثة صلبان كبار فضة مذهبة مرصعة ، وقلع قبل تلك الليلة الصليبان الطرفيان ورفعا إلى خزانة الكنيسة وترك الوسطاني على حاله فانكسر الكرسيان الطرفيان وتشظيا وتطايرت الشظايا إلى داخل المذبح وخارجه
267
نام کتاب : معجم البلدان نویسنده : الحموي جلد : 1 صفحه : 267