نام کتاب : معجم البلدان نویسنده : الحموي جلد : 1 صفحه : 156
بالذهب ، فضرب أمثال اللبن . ثم بنى بذلك تلك المدينة ، وأمر بالدر ، والياقوت ، والجزع ، والزبرجد ، والعقيق ، ففصص به حيطانها ، وجعل لها غرفا من فوقها غرف ، معمد جميع ذلك بأساطين الزبرجد ، والجزع ، والياقوت . ثم أجرى تحت المدينة واديا ، ساقه إليها من تحت الأرض أربعين فرسخا ، كهيئة القناة العظيمة . ثم أمر فأجري من ذلك الوادي سواق في تلك السكك ، والشوارع ، والأزقة ، تجري بالماء الصافي . وأمر بحافتي ذلك النهر وجميع السواقي ، فطليت بالذهب الأحمر ، وجعل حصاه أنواع الجواهر : الأحمر ، والأصفر ، والأخضر ، فنصب على حافتي النهر والسواقي أشجارا ، من الذهب ، مثمرة . وجعل ثمرها من تلك اليواقيت ، والجواهر ، وجعل طول المدينة اثني عشر فرسخا ، وعرضها مثل ذلك . وصير صورها عاليا مشرفا ، وبنى فيها ثلاثمائة ألف قصر ، مفصصا بواطنها وظواهرها بأصناف الجواهر . ثم بنى لنفسه في وسط المدينة ، على شاطئ ذلك النهر ، قصرا منيفا عاليا يشرف على تلك القصور كلها . وجعل بابها يشرع إلى الوادي ، بمكان رحيب واسع . ونصب عليه مصراعين من ذهب ، مفصصين بأنواع اليواقيت . وأمر باتخاذ بنادق من مسك وزعفران ، فألقيت في تلك الشوارع والطرقات . وجعل ارتفاع تلك البيوت ، في جميع المدينة ، ثلاثمائة ذراع في الهواء . وجعل السور مرتفعا ثلاثمائة ذراع مفصصا خارجه وداخله بأنواع اليواقيت وظرائف الجواهر . ثم بنى خارج سور المدينة أكما يدور ثلاثمائة ألف منظرة بلبن الذهب والفضة عالية مرتفعة في السماء ، محدقة بسور المدينة ، لينزلها جنوده ، ومكث في بنائها خمسمائة عام . وإن الله تعالى أحب أن يتخذ الحجة عليه ، وعلى جنوده ، بالرسالة والدعاء إلى التوبة والإنابة ، فانتجب لرسالته إليه هودا ، عليه السلام ، وكان من صميم قومه وأشرافهم . وهو في رواية بعض أهل الأثر هود بن خالد بن الخلود بن العاص بن عمليق بن عاد ابن إرم بن سام بن نوح ، عليه السلام . وقال أبو المنذر : هو هود بن الخلود بن عاد بن إرم بن سام بن نوح ، عليه السلام ، وقيل غير ذلك ولسنا بصدده . ثم إن هودا ، عليه السلام ، أتاه فدعاه إلى الله تعالى وأمره بالايمان ، والاقرار بربوبية الله ، عز وجل ، ووحدانيته ، فتمادى في الكفر والطغيان ، وذلك حين تم لملكه سبعمائة سنة . فأنذره هود بالعذاب ، وحذره وخوفه زوال ملكه ، فلم يرتدع عما كان عليه ، ولم يجب هودا إلى ما دعاء إليه . ووافاه الموكلون ببناء المدينة ، وأخبروه بالفراغ منها . فعزم على الخروج إليها في جنوده ، فخرج في ثلاثمائة ألف من حرسه وشاكريته ومواليه ، وسار نحوها ، وخلف على ملكه بحضر موت وسائر أرض العرب ابنه مرثد بن شداد . وكان مرثد ، فيما يقال ، مؤمنا بهود ، عليه السلام ، فلما قرب شداد من المدينة ، وانتهى إلى مرحلة منها ، جاءت صيحة من السماء ، فمات هو وأصحابه أجمعون ، حتى لم يبق منهم مخبر ، ومات جميع من كان بالمدينة من الفعلة ، والصناع ، والوكلاء ، والقهارمة ، وبقيت خلاء ، لا أنيس بها . وساخت المدينة في الأرض ، فلم يدخلها بعد ذلك أحد ، إلا رجل واحد في أيام معاوية ، يقال له : عبد الله بن قلابة ، فإنه ذكر في قصة طويلة تلخيصها : أنه خرج من صنعاء في بغاء إبل له ضلت ، فأفضى به السير إلى مدينة صفتها كما ذكرنا ، وأخذ منها شيئا من بنادق المسك ، والكافور ، وشيئا من الياقوت . قصد إلى معاوية بالشام ، وأخبره
156
نام کتاب : معجم البلدان نویسنده : الحموي جلد : 1 صفحه : 156