هاه ! إن هاهنا - وأشار بيده إلى صدره - لعلماً جماً لو أصبت له حملة ! بلى أصبت لَقِناً غير مأمون عليه ، يستعمل آلة الدين للدنيا ويستظهر بحجج الله على وليائه ، وبنعمه على عباده ، ليتخذه الضعفاء وليجة من دون ولي الحق . أو منقاداً لحملة العلم لا بصيرة له في أحنائه ، ينقدح الشك في قلبه بأول عارض من شبهة ! ألا لاذا ولا ذاك . أو منهوماً باللذة سلس القياد للشهوة ، أو مغرماً بالجمع والإدخار ، ليسا من رعاة الدين في شئ ، أقرب شئ شبهاً بهما الأنعام السائمة ، كذلك يموت العلم بموت حامليه ! اللهم بلى لا تخلو الأرض من قائم بحجة ، ظاهر مشهور ، أو خائف مغمور ، لئلا تبطل حجج الله وبيناته . وكم ذا وأين أولئك ؟ أولئك الأقلون عدداً الأعظمون خطراً ، بهم يحفظ الله حججه حتى يودعوها نظراءهم ، ويزرعوها في قلوب أشباههم ، هجم بهم العلم على حقائق الأمور ، فباشروا روح اليقين ، واستلانوا ما استوعره المترفون ، وأنسوا بما استوحش منه الجاهلون ، صحبوا الدنيا بأبدان أرواحها معلقة بالمحل الأعلى ، يا كميل أولئك خلفاء الله والدعاة إلى دينه آه آه شوقاً إلى رؤيتهم ! انصرف إذا شئت » .