نام کتاب : عيون الأنباء في طبقات الأطباء نویسنده : ابن أبي أصيبعة جلد : 1 صفحه : 751
بدر الدين ابن قاضي بعلبك هو الحكيم الأجل العالم الكامل بدر الدين المظفر ابن القاضي الإمام العالم مجد الدين عبد الرحمن بن إبراهيم كان والده قاضيا ببعلبك ونشأ هو بدمشق واشتغل بها في صناعة الطب وقد جمع الله فيه من العلم الغزير والذكاء المفرط والمروءة الكثيرة ما تعجز الألسن عن وصفه قرأ صناعة الطب على شيخنا الحكيم مهذب الدين عبد الرحيم بن علي رحمه الله وأتقنها في أسرع الأوقات وبلغ في الجزء العلمي والعملي منها إلى الغايات وله همة عالية في الاشتغال ونفس جامعة لمحاسن الخلال ووجدت له في أوقات اشتغاله من الاجتهاد ما ليس لغيره من المشتغلين ولا يقدر عليه سواه أحد من المتطببين كان لا يخلي وقتا من التزيد في العلم والعناية في المطالعة والفهم وحفظ كثيرا من الكتب الطبية والمصنفات الحكمية ومما شاهدته من علو همته وجودة قريحته أن الشيخ مهذب الدين عبد الرحيم بن علي كان قد صنف مقالة في الاستفراغ وقرأها عليه كل واحد من تلامذته وأما هو فإنه شرع في حفظها وقرأها عليه من خاطره غائبا من أولها إلى آخرها فأعجب الشيخ مهذب الدين ذلك منه وكان ملازما له مواظبا على القراءة والدرس ولما خدم الشيخ مهذب الدين الأشرف موسى ابن الملك العادل وكان في بلاد الشرق وسافر الحكيم مهذب الدين إلى خدمته وذلك في سنة اثنتين وعشرين وستمائة توجه الحكيم بدر الدين مع الشيخ مهذب الدين ولم يقطع الاشتغال عليه ثم خدم الحكيم بدر الدين بالرقة في البيمارستان الذي بها وصنف مقالة حسنة في مزاج الرقة وأحوال أهويتها وما يغلب عليها وأقام بها سنين واشتغل بها في الحكمة على زين الدين الأعمى رحمه الله وكان إماما في العلوم الحكمية ثم أتى بدر الدين إلى دمشق ولما تملك الملك الجواد مظفر الدين يونس بن شمس الدين مودود ابن الملك العادل دمشق وذلك في سنة خمس وثلاثين وستمائة استخدمه وكان حظيا عنده مكينا في دولته معتمدا عليه في صناعة الطب وولاه الرياسة على جميع الأطباء والكحالين والجرائحيين وكتب له منشورا بذلك في شهر صفر سنة سبع وثلاثين وستمائة فجدد من محاسن الطب ما درس وأعاد من الفضائل ما دثر وذلك أنه لم يزل محبا لفعل الخيرات مفكرا في المصالح في سائر الأوقات ومما وجدته قد صنعه من الآثار الحسنة التي تبقى مدى الأيام ونال بها من المثوبة أوفر الأقسام أنه لم يزل مجتهدا حتى اشترى دورا كثيرة ملاصقة للبيمارستان الكبير الذي أنشأه ووقفه الملك العادل نور الدين محمود بن زنكي رحمه الله وتعب في ذلك تعبا كثيرا واجتهد بنفسه وماله حتى أضاف هذه الدور المشتراة إليه وجعلها من جملته وكبر بها قاعات كانت صغيرة للمرضى وبناها أحسن البناء وشيدها وجعل الماء فيها جاريا فتكمل بها البيمارستان وأحسن في فعله ذلك غاية الإحسان ولم يزل يدرس صناعة الطب وخدم أيضا الملك الصالح نجم الدين أيوب ابن الملك الكامل لمداواة الأدر السعيدة بقلعة دمشق ومن يلوذ بها والتردد إلي البيمارستان ومعالجة المرضى فيه وكتب له منشورا برياسنه أيضا على جميع الأطباء وذلك في سنة خمس وأربعين وستمائة
751
نام کتاب : عيون الأنباء في طبقات الأطباء نویسنده : ابن أبي أصيبعة جلد : 1 صفحه : 751