نام کتاب : عيون الأنباء في طبقات الأطباء نویسنده : ابن أبي أصيبعة جلد : 1 صفحه : 733
والمطالعة يسهر أكثر ليله في الاشتغال وكان أيضا في ذلك الزمان يجتمع بالشيخ سيف الدين علي بن أبي علي الآمدي وكان يعرفه قديما فلازمه في الاشتغال عليه بالعلوم الحكمية وحفظ شيئا من كتبه وحصل معظم مصنفاته ليشتغل بها مثل كتاب دقائق الحقائق وكتاب رموز الكنوز وكتاب كشف التمويهات في شرح التنبيهات وكتاب أبكار الأفكار وغير ذلك من مصنفات سيف الدين ثم بعد ذلك أيضا نظر في علم الهيئة والنجوم واشتغل بها على أبي الفضل الإسرائيلي المنجم واقتنى من آلات النحاس التي يحتاج إليها في هذا الفن ما لم يكن عند غيره ومن الكتب شيئا كثيرا جدا وسمعته يحكي أن عنده ست عشرة رسالة غريبة من الإصطرلاب لجماعة من المصنفين وفي أثناء ذلك طلبه الملك الأشرف أبو الفتح موسى ابن الملك العادل وهو بالشرق فتوجه إليه وذلك في شهر ذي القعدة سنة اثنتين وعشرين وستمائة وقال لي أنه خرج منه في هذه السفرة لما عزم على الحركة من شراء بغلات وخيم وآلات لا بد منها للسفر عشرون ألف درهم ولما وصل ذلك إلى الملك الأشرف أكرمه وأحسن إليه وأطلق له إقطاعا في الشرق يغل له في كل سنة ألف وخمسمائة دينار فبقي معه مدة ثم عرض له ثقل في لسانه واسترخاء فبقي لا يسترسل في الكلام ووصل إلى دمشق لما ملكها الملك الأشرف في سنة ست وعشرين وستمائة وهو معه فولاه رياسة الطب وبقي كذلك مديدة وجعل له مجلسا لتدريس صناعة الطب ثم زاد به ثقل لسانه حتى بقي إذا حاول الكلام لا يفهم ذلك منه إلا بعسر وكانت الجماعة تبحث قدامه فإذا استعصى منه معنى يجيب عنه بأيسر لفظ يدل على كثير من المعنى وفي أوقات يعسر عليه الكلام فيكتبه في لوح وتنظره الجماعة ثم اجتهد في مداواة نفسه واستفرغ بدنه بعدة أدوية مسهلة وكان يتناول كثيرا من الأدوية والمعاجين الحارة ويغتذي بمثلها فعرضت له حمى وتزايدت به حتى ضعفت قوته وتوالت عليه أمراض كثيرة ولما جاء الأجل بطل العمل ( وإذا المنية أنشبت أظفارها * ألفيت كل تميمة لا تنفع ) وكانت وفاته رحمه الله في الليلة التي صبيحتها يوم الاثنين خامس عشر صفر سنة ثمان وعشرين وستمائة ودفن بجبل قاسيون ولم يخلف ولدا ولما كان في سنة اثنتين وعشرين وستمائة وذلك قبل سفر الشيخ مهذب الدين عبد الرحيم بن علي عند الملك الأشرف وخدمته له وقف داره وهي بدمشق عند الصاغة العتيقة شرقي سوق المناخليين وجعلها مدرسة يدرس فيها من بعده صناعة الطب ووقف لها ضياعا وعدة أماكن يستغل ما ينصرف في مصالحها وفي جامكية المدرس وجامكية المشتغلين بها ووصى أن يكون المدرس فيها الحكيم شرف الدين علي بن الرحبي وابتدأ بالصلاة في هذه المدرسة يوم الجمعة صلاة العصر ثامن ربيع الأول سنة ثمان وعشرين وستمائة ولما كان يوم الاثنين ثاني عشر ربيع الآخر سنة ثمان وعشرين وستمائة حضر الحكيم سعد الدين إبراهيم بن الحكيم موفق الدين عبد العزيز والقاضي شمس الدين الخوئي والقاضي جمال الدين
733
نام کتاب : عيون الأنباء في طبقات الأطباء نویسنده : ابن أبي أصيبعة جلد : 1 صفحه : 733