responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : عيون الأنباء في طبقات الأطباء نویسنده : ابن أبي أصيبعة    جلد : 1  صفحه : 732


وأن يشربه ولا يتناول شيئا غيره فلما أتينا من الغد وجدنا ذلك المريض والحمى قد انحطت عنه وقارورته ليس فيها شيء من الحدة ومثل هذا أيضا أنه وصف في قاعة الممرورين لمن به المرض المسمى مانيا وهو الجنون السبعي أن يضاف إلى ماء الشعير في وقت اسقائه إياه مقدار متوفر من الأفيون فصلح ذلك الرجل وزال ما به من تلك الحال ورأيته يوما في قاعة المحمومين وقد وقفنا عند مريض وجست الأطباء نبضه فقالوا عنده ضعف ليعطى مرقة الفروج للتقوية فنظر إليه وقال إن كلامه ونظر عينيه يقتضي الضعف ثم جس نبض يده اليمنى وجس الأخرى وقال جسوا نبض يده اليسرى فوجدناه قويا فقال انظروا نبض يده اليمنى وكيف هو من قريب كوعه قد انفرق العرق الضارب شعبتين فواحدة بقيت التي تجس والأخرى طلعت في أعلى الزند وامتدت إلى ناحية الأصابع فوجدناه حقا ثم قال إن من الناس وهو نادر ما يكون النبض فيه هكذا ويشتبه على كثير من الأطباء ويعتقدون أن النبض ضعيف وإنما يكون جسم لتلك الشعبة التي هي نصف العرق فيعتقدون أن النبض ضعيف وكان في ذلك الوقت أيضا في البيمارستان الشيخ رضي الدين الرحبي وهو من أكبر الأطباء سنا وأعظمهم قدرا وأشهرهم ذكرا فكان يجلس على دكة ويكتب لمن يأتي إلى البيمارستان ويستوصف منه للمرضى أوراقا يعتمدون عليها ويأخذون بها من البيمارستان الأشربة والأدوية التي يصفها فكنت بعد ما يفرغ الحكيم مهذب الدين والحكيم عمران من معالجة المرضى المقيمين بالبيمارستان وأنا معهم أجلس مع الشيخ رضي الدين الرحبي فأعاين كيفية استدلاله على الأمراض وجملة ما يصفه للمرضى وما يكتب لهم وأبحث معه في كثير من الأمراض ومداواتها ولم يجتمع في البيمارستان منذ بني والى ما بعده من الزمان من مشايخ الأطباء كما اجتمع فيه في ذلك الوقت من هؤلاء المشايخ الثلاثة وبقوا كذلك مدة ( ثم انقضت تلك السنون وأهلها * فكأنها وكأنهم أحلام ) وكان الشيخ مهذب الدين رحمه الله إذا تفرغ من البيمارستان وافتقد المرضى من أعيان الدولة وأكابرها وغيرهم يأتي إلى داره ثم يشرع في القراءة والدرس والمطالعة ولا بد له من ذلك من نسخ فإذا فرغ منه أذن للجماعة فيدخلون إليه ويأتي قوم بعد قوم من الأطباء والمشتغلين وكان يقرأ كل واحد منهم درسه ويبحث معه فيه ويفهمه إياه بقدر طاقته ويبحث في ذلك مع المتميزين منهم إن كان الموضع يحتاج إلى فضل بحث أو فيه إشكال يحتاج إلى تحرير وكان لا يقرئ أحدا إلا وبيده نسخة من ذلك الكتاب يقرأه ذلك التلميذ ينظر فيه ويقابل به فإن كان في نسخة الذي يقرأ غلط أمره بإصلاحه وكانت نسخ الشيخ مهذب الدين التي تقرأ عليه في غاية الصحة وكان أكثرها بخطه وكان أبدا لا يفارقه إلى جانبه مع ما يحتاج إليه من الكتب الطبية ومن كتب اللغة كتاب الصحاح للجوهري والمجمل لابن فارس وكتاب النبات لأبي حنيفة الدينوري فكان إذا فرغت الجماعة من القراءة يعود هو إلى نفسه فيأكل شيئا ثم يشرع بقية نهاره في الحفظ والدرس

732

نام کتاب : عيون الأنباء في طبقات الأطباء نویسنده : ابن أبي أصيبعة    جلد : 1  صفحه : 732
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست