نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 458
بخير . وكان سمك بناء السلف قامة بسطة وقال الحسن : كنت إذا دخلت بيوت أصحاب النبي صلَّى الله عليه وسلم ضربت بيدي إلى السقف . وقال عمرو بن دينار : إذا أعلى العبد البناء فوق ستة أذرع ناداه ملك إلى أين يا فاسق الفاسقين ؟ وقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلم : من بني فوق ما يكفيه كلَّف أن يحمله يوم القيامة ومرّ عمر رضي الله عنه ببيت عال فقال : أبت الدراهم إلا أن تخرج رؤسها ومرّ بعامل له فرآه قد علي وشيد فقال لي : على كل خائن أمينان الماء والطين ثم شاطره ماله فجعله في بيت المال . وفي الخبر : كل نفقة يؤجر عليها العبد إلا ما أنفعه على الماء والطين . وقد روينا عن بعض السلف : إذا مقت الله تعالى مال عبد سلَّط عليه الماء والطين . وقال يحيى بن يمان رحمه الله : كنت أمشي مع الثوري رحمه الله في طريق فنظرت إلى باب مشيّد قال : لا تنظر إليه فقلت يا أبا عبد الله ما تكره من النظر قال إذا نظرت إليه كنت عونا له على بنائه لأنه إنّما بناه لينظر إليه ولو كان كلّ من مرّ به لم ينظر إليه ما عمله وقد قال بعض السلف قبله : ولا تنظر إلى بنيانهم فإنهم إنما زخرفوه لأجلكم وفي قول الله تعالى : * ( تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا في الأَرْضِ ولا فَساداً ) * [ القصص : 83 ] قيل : حبّ الكثرة والرئاسة والتطاول في البنيان . وكذلك قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلم : كلّ بناء وبال على صاحبه يوم القيامة إلا ما أكن من حرّ أو برد . وقال للرجل الذي شكا إليه ضيق منزله اتسع في السماء أي في الجنة وهذا أحد التأويلين . والثاني اتسع في المعرفة ولا تطلب اتساع المكان واعلم أن الزهد لا ينقص من الرزق ولكنه يزيد في الصبر ويديم الجوع والفقر فيكون هذا رزقا للزاهد من الآخرة على هذا الوصف من حرمان نصيبه من الدنيا وحمايته عن التكثر منها والتوسّع فيها ويكون الزهد سببه فيكون ما صرفه عنه ومنعه من الغني والتوسع رزقه من الآخرة والدرجات العلى بحسن اختيار من الله تعالى وحيطة نظركما . حدثنا عن بعض العلماء : أن بقّالا جاءه فقال : إني كنت أبيع في محلة لا بقّال فيها غيري ، فكنت أبيع الكثير ثم قد فتح عليّ بقّال آخر فهل ينقص ذلك من رزقي شيئا فقال : لا ولكن يزيد في بطالتك عن البيع ، فلعله بطَّالا لاعبا يحتجّ لتوسّعه وهواه ويموّه على أبناء الدنيا ممن يتولاه فيقول بأن الزهد في الدنيا لما لم ينقص من رزقي شيئا قد صح مقاما لي مع التوسّع والاستكثار وعلى التنعّم والرفاهية والاستئثار لأنّي إنما آكل رزقي وآخذ قسمي فلي في الزهد مقام ومن الرضا والتوكل حال أو يقول : إن الزهد قد يصبح مع التكاثر والزينة يزخرف بقوله على من لا يعرف الزهد ويغرّ بمقالته من لا يعرف طريق الزاهدين ولعلَّه ممن
458
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 458