نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 446
من اسمه فإنما أنت بين أسمائه وصفاته وأفعاله ناطقا بقدرته وظاهرا بحكمته وبمعناه . كان أبو محمد رحمه الله تعالى يتأوّل قوله : ما نزل من السماء أعزّ من اليقين فغابت السبع سبعا في السبع العلي والسبع السفلي لما طوى نفس الهوى وغابت العليا والسفلى في ملكوت العرش والثرى لما طوي طيّ النفس وغاب العرض والثرى في جبروت الأعلى لما محي طيّ الطي وحضر الأزلي الأول إذا غاب الحدثان الثاني وظهر الباطن الأخير حين بطن الظاهر الساتر فصار العبد شهيدا لقول الرسول صلَّى الله عليه وسلم : ألا كل شيء ما خلا الله باطل . وأراه الآيات في الآفاق فتبين الحقّ بقول الحقّ سبحانه وتعالى : * ( سَنُرِيهِمْ آياتِنا في الآفاقِ وفي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَ ولَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ، أَلا إِنَّهُمْ في مِرْيَةٍ من لِقاءِ رَبِّهِمْ أَلا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ ) * [ فصلت : 54 - 53 ] . وكذلك قال الرسول صلَّى الله عليه وسلم للرجل الذي قال : اللَّهم أرني الدنيا كما تراها فقال : لا تقل هكذا فإن الله تعالى لا يرى الدنيا كما تراها ولكن قل أرني الدنيا كما يراها الصالح من عبادك ، وهذه شهادة أهل الله تعالى . وغابت فيه الشهادة الأولى كما غيبت تلك الأولى مشاهدة أهل الدنيا فكشف هذا المقام وإظهار هذه الشهادة لا تحلّ إلا لشهيد ذي مقام في الصديقين عتيد . وقال الحكيم : لقد عزّت معانيه فغابت عن الأبصار : إلا الشهيد وهم أولو المطلع في القرآن الذين سلموا من هول المطلع في العيان . وإفشاء سرّ الربوبية معصية وإعلان سر السر كفر ولكن يحتاج هذا الزاهد أن يشهد المزهود بمنزلة الزبد إن لم يبلغ نظره شهادة المزهد الأحد ليكون من أهل السمع والشهادة فينسى بذكر قلبه معارفه والعادة يكون عند الله شهيدا له أجره ونوره كما قال الشاهد الأعلى والشهداء عند ربّهم لهم أجرهم ونورهم فكيف يكون شهيدا من لم يشهد بشهادته بل كيف يشهد وصف الأولية بغير نورها أم كيف يقوم بشهادته من لم يشهد قيوميته بل كيف يرى قيوميته بغير نور وحدانيته ؟ فإن لم يقرب في هذا المكان فكما قال أو ألقى السمع وهو شهيد فيسمع من مكان هو إلى جنب القرب بعيد ويكون من أهل البيان والفكر كقول الحقّ المبين : * ( كَذلِكَ يُبَيِّنُ الله لَكُمُ الآياتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ في الدُّنْيا والآخِرَةِ ) * [ البقرة : 219 - 220 ] أيّ تتفكَّرون في فناء الدنيا وزوالها وبقاء الآخرة ودوامها فتؤثرون الباقي الدائم وترغبون فيه على الزائل الفاني وتزهدون فيه لأن ما يكون آخره فناء يشبه آخره أوّل أمره وأوّله لم يكن وما يكون آخره بفاء فكأنه لم يزل فأشبه أوّله آخره في البقاء . وكذلك قال العليم الحكيم : * ( والآخِرَةُ خَيْرٌ وأَبْقى ) * [ الأعلى : 17 ] فوصفها لبقائها في المال بوصفين من صفاته .
446
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 446