responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 425


لأن العارف لا يوسم بحال دون حال وقد استغرق الأحوال ولا يوسم بمقام دون مقام إذ قد جاوز المقامات ، فحقيقة معناه عارف بالمعروف الذي هو بكل نهاية وفضل موصوف وغموض غريبة عند غير أبناء جنسه أن ينكروه فإن تعرف إليهم أو عرفوه فليس بعارف .
وقال بعضهم في وصف العارف : أن يعرف كلّ شيء ولا يتعرّف إلى شيء وقيل :
حقيقته أن يعرف ولا يعرف عن مقتضى وصف من أوصاف الربوبية لأنه روحانيّ ربانيّ .
وثلاث مقامات لا يقاس عليها ولا يتمثّل بها ، فمن قاس عليها أخطأ ، ومن تمثّل بها ادّعى مقام النبوّة ومقام المعرفة ومقام محبوب . وقد ذكرنا وصفه في شرح مقام المحبة في كتاب المحبين ، فهذه طرائق الخائفين وجل صفات العارفين لأنهم متفاوتون في القرب والاقتراب متعالون في التقرّب والتقريب مترافعون في التعرّف والتعريف . فالموقنون من الشهداء وهم المقرّبون من الصديقين بشهادتهم قائمون لهم من القرب الاقتراب ومن التقرّب التقريب ومن التعريف التعرّف ومن الإيلاف التأليف لأن مقامهم من القريب العالي الطريق الأقرب والجهة العليا هم السابقون لأهل مقامات اليمين أوّل القرب والتقرب وأو هل الحبّ التحّبب ولهم التألف والتعريف وهؤلاء الأبرار . ومن أفضل طرقات الخائفين ما سرى خوفه إلى النفس قاطعا شغل الهوى وأخمد نار الشهوات فسقطت له أثقال المجاهدة وخفّت عنده مئونة المكابدة ووجدت معه حلاوة الطاعة لفقد حلاوة المعصية واجتمع لهم بالحقّ عند زوال التشتت بالهوى والخلق وسكنت النفس بالطمأنينة لمعاينة القلب للشهادة وظهر نعيم الزهد والرضا لباطن الصدق والإخلاص ثم سكن الخوف في القلب بعد ذلك ولم يجاوزه فيتعدّى الحدّ إلى بعض المفايض التي ذكرناها بل كان منه الحزن الدائم والهمّ اللازم والخشوع القائم وهذا هو وصف القلب المنكسر وحال العبد المنجبر الذي يوجد عنده الجبار فجبره بعد كسره فصلح له بعد أن عطل من غيره وصار مزيدا لعالم الخائف من الله تعالى كشوف اليقين وتنقيله لديه في شهادة المقرّبين فكان القريب لدي موجودا وصار الحبيب عنده مطلوبا لأنه من المنكسرة قلوبهم من أجله وبأنه صار عنده من أهله .
واعلم أن الذي قطع الخلق عن هذه حلاوة الهوى ولا يخرجها إلا أحد كأسين ، تجرّع مرارة الخوف فيغلب حلاوة الهوى فيخرجه أو غلبة حلاوة المحبة فيستغرق حلاوة الهوى فيغمره . فإن عدم أحد هذين فهو من المذبذبين بين ذلك .
وروينا أن عليّا رضي الله عنه قال لبعض الخائفين . وقد تاه عقله فأخرجه الخوف إلى القنوط : ما أصارك إلى ما أرى ؟ فقال : ذنوبي العظيمة . فقال : ويحك إن رحمة الله تعالى أعظم من ذنوبك فقال : إن ذنوبي أعظم من أن يكفّرها شيء فقال : إن قنوطك من رحمة

425

نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 425
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست