نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 40
ثلاث مرات وهذا هو الورد الثاني من الليل أعني الصلاة بعد العشاء الآخرة إلى حد نومة الناس فقد أقسم الله عزّ وجلّ في قوله : * ( واللَّيْلِ وما وَسَقَ ) * [ الانشقاق : 17 ] . أي وما جمع من ظلمته وذكره الله عزّ وجلّ في قوله : * ( إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ ) * [ الإسراء : 78 ] . فهناك يغسق الليل وتستوسق ظلمته ثم ينام إن أحب وهو على طهارة وعن ذكر . وقد كان الصالحون لا ينامون إلا عن غلبة ويكرهون التعمد للنوم وهو التهيؤ للعادة وقد كان منهم من يمهد لنفسه بالنوم ليتقوّى بذلك على صلاة أوسط الليل وآخره للفضل في ذلك ومن غلبه النوم حتى شغله عن الصلاة والذكر فإن السنة أن ينام حتى يعقل ما يقول وينشط في خدمته . وقد كان ابن عباس يكره النوم قاعدا . وفي الخبر لا تكابدوا الليل . وقيل لرسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم : إن فلانة تصلي من الليل فإذا غلبها النوم تعلقت بحبل فنهى عن ذلك وقال ليصلّ أحدكم من الليل ما تيسر فإذا غلبه النوم فليرقد . وقال : اكفلوا من العمل ما تطيقون فإن الله تعالى لا يمل حتى تملوا . وقيل له : إن فلانا يصلَّي الليل لا ينام ويصوم الدهر لا يفطر . فقال صلَّى الله عليه وسلَّم : خير هذا الدين أيسره . ثم قال : لكني أنا أصلي وأنام وأصوم وأفطر فهذه سنتي . فمن رغب عن سنتي ، فليس مني . وقال صلَّى الله عليه وسلَّم : لا تشادوا هذا الدين فإنه متين فمن يشاده يغلبه ولا تبغض إلى نفسك عبادة الله عزّ وجلّ . والورد الثالث يكون بعد نومة الناس وهو التهجد الذي ذكره الله في قوله : * ( ومن اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ به نافِلَةً لَكَ ) * [ الإسراء : 79 ] ولا يكون التهجد إلا بعد النوم وتلك النومة هي الهجوع الذي قال الله عزّ وجلّ من القائمين آناء اللَّيل فقال تعالى : * ( كانُوا قَلِيلًا من اللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ ) * [ الذاريات : 17 ] . فالهجوع النوم والتهجد القيام وقد يقال الهجود أيضا وهذا يكون نصف الليل . فهذا أوسط الأوراد وهو يشبه الورد الأوسط من النهار في أفضل أوراده وهو أفضل الأوراد وأمتعها للعبادة . وقد أقسم الله عزّ وجلّ به في قوله تعالى : * ( واللَّيْلِ إِذا سَجى ) * [ الضحى : 2 ] . قيل إذا سكن وسكونه هدوه وسنة كل عين فيه وغفلتها إلا عين الله تبارك وتعالى فإنه الحي الذي لا تأخذه سنة ولا نوم . وقيل إذا سجي إذا امتد وطال ويقال إذا أظلم وسئل رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم : أي الليل أسمع فقال : جوف الليل الغابر . وروينا في أخبار داود عليه السلام : إلهي إني أحب أن أتعبد لك فأي وقت تقبل ؟ فأوحى الله عزّ وجلّ إليه : يا داود لا تقم أول الليل ولا آخره . فإنه من نام أوله نام آخره ومن قام آخره لم يقم أوله ولكن قم وسط الليل حتى تخلو بي وأخلو بك وارفع إليّ حوائجك . والورد الرابع يكون بين الفجرين أحدهما الفجر الأول وهو بدو سلطان شعاع الشمس إذا ظهرت من وراء الأرض الخامسة وسطع ضوءها في وسط السماء حتى يقطعها بمقدار طلوع
40
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 40