نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 398
يرقون ؟ فقال : وكيف تنفع الموعظة من لم يكن في قلبه لله تعالى مخافة ، وقد قال الله تعالى في تصديق ذلك : * ( سَيَذَّكَّرُ من يَخْشى ويَتَجَنَّبُهَا الأَشْقَى ) * [ الأعلى : 10 - 11 ] أي يتجنب التذكرة الشقي ، فجعل من عدم الخوف شقيا وحرمه التذكرة فخوف عموم المؤمنين بظاهر القلب عن باطن العلم بالعقد ، وخوف خصوصهم وهم الموقنون بباطن القلب عن باطن العلم بالوجد : فأما خوف اليقين فهو للصديقين من شهداء العارفين عن مشاهدة ما آمن به من الصفات المخوفة . وقد جاء في خبر « إذا دخل العبد في قبره لم يبق شيء كان يخافه دون الله عز وجل إلا مثل له يفزعه ويرعبه إلى يوم القيامة » فأول خوف اليقين الموصوف الذي هو نعت الموصوفين من المؤمنين ، المحاسبة للنفس في كل وقت ، والمراقبة للرب في كل حين ، والورع عن الإقدام على الشبهات من كل شيء من العلوم بغير يقين بها ومن الأعمال بغير فقه فيها . وفي خبر موسى عليه السلام : وأما الورعون فإنه لا يبقى أحد إلا ناقشته بالحساب وفتشته عما في يديه إلا الورعين ، فإني أستحييهم وأجلهم أن أوقفهم للحساب ، فالورع حال من الخوف ، ثم كف الجوارح عن الشبهات وفضول الحلال من كل شيء ، بخشوع قلب ، ووجود إخبات . وقال عليّ كرم الله وجهه : ومن اشتاق إلى الجنة سلا عن الشهوات ، ومن أشفق من النار رجع عن المحرمات ، ثم سجن اللسان وخزن الكلام ، لئلا يدخل في دين الله عزّ وجلّ ولا في العلم ما لم يشرعه الله في كتابه أو لم يذكره رسوله صلَّى الله عليه وسلم في سنته ، أو لم ينطق به الأئمة من السلف في سيرهم مما لم يكن أصله موجودا في الكتاب والسنة . وتسميته واضحة في العلم ، فيتجنب ذلك كله . * ( ولا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ به عِلْمٌ ) * [ الإسراء : 36 ] خوفا من المساءلة ، ولا يدخل فيه لدقيق هوى يدخل عليه ولا لعظيم حظ دنيا يدخل فيه وأن ينصح نفسه لله تعالى لأنها أولى الخلق ، ثم ينصح الخلق في الله تعالى فيبتدئ بالنصح في أمور الدين والآخرة ، ثم يعقبه في أسباب الدنيا لأن أمور الآخرة أهم ، والغش في الدين أعظم ، والتزود للمنقلب آثر . روينا عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلم أنه قال : « من غش أمتي فعليه لعنة الله ، قيل وما غش أمتك يا رسول الله ؟ قال : أن يبتدع لهم بدعة فيتبع عليها ، فإذا فعل ذلك فقد غشهم » . وثمرة الخوف العلم باللَّه عزّ وجلّ والحياء من الله عزّ وجلّ وهو أعلى سريرات أهل
398
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 398