responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 383


ورازقه ، من حيث كرمه وفضله ، لا من حيث نظره إلى صفات نفسه ولؤمه . وقد كان سهل رحمه الله تعالى يقول : من سأل الله تبارك وتعالى شيئا فنظر إلى شيء وإلى أعماله لا يرى الإجابة حتى يكون ناظرا إلى الله تبارك وتعالى وحده وإلى لطفه وكرمه ، ويكون موقنا بالإجابة . ولعمري أن من سأل الله تعالى ورغب إليه في شيء ، ورجاه ناظرا إلى نفسه وعمله ، فإنه غير مخلص في الرجاء له تعالى لشركه في النظر إليه ، وإذا لم يكن مخلصا لم يكن موقنا ، ولا يقبل الله تعالى عملا ولا دعاء إلا من موقن بالإجابة مخلص . فإذا شهد التوحيد ونظر إلى الوحدانية فقد أخلص وأيقن . وهكذا جاء في الخبر : إذا دعوتم فكونوا موقنين بالإجابة ، فإن الله تعالى لا يقبل إلا من موقن ومن داع دعاء بينا من قلبه ، لأن من استعمله الله تعالى بالدعاء له فقد فتح له بابا من العبادة .
وفي الخبر : الدعاء نصف العبادة ولا يقبل الله تعالى من الدعاء إلا الناخلة بمعنى المنخول وهو الخالص . فأقل ما يعطيه من دعائه أن يكون ذلك حسنة منه ، يضعفه له عشرا إلى سبعمائة ضعف ، وأعلاه أن يدخر له في الآخرة ما هو خير له من جميع الدنيا وما فيها مما لم يخطر على قلبه قطَّ ، ويكون ذلك حسن نظر من الله تعالى له واختيار ، وأوسط ذلك أن يصرف عنه من البلاء الذي هو لو كان علمه كان صرفه أهمّ عليه وأحبّ إليه مما سأل فيه . وقد روينا عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلم : ما من داع دعا موقنا بالإجابة في غير معصية ولا قطيعة رحم ، إلا إعطاه الله تعالى إحدى ثلاث ، إما أن يجيب دعوته فيما سأل ، أو يصرف عنه من السوء مثله ، أو يدخر له في الآخرة ما هو خير له . وفي أخبار موسى عليه السلام : يا ربّ أي خلقك أنت عليه أشدّ تسخطا ؟ فقال تعالى : من لم يرض بقضائي ، ومن يستخيرني في أمر فإذا قضيت له كره ذلك . وفي الخبر الآخر : إنه قال يا ربّ أي الأشياء أحب إليك وأيها أبغض ؟ فقال سبحانه وتعالى : أحب الأشياء إليّ الرضا بقضائي وأبغضها إليّ أن تطري نفسك .
وروينا عن نبيّنا صلَّى الله عليه وسلم : أنه قال للرجل الذي قال : أوصني فقال : لا تتهم الله تعالى في شيء قضاه عليك . وفي الخبر الآخر : أنه نظر إلى السماء وضحك صلَّى الله عليه وسلم فسئل عن ذلك فقال : عجبت لقضاء الله تعالى للمؤمن في كلّ قضائه له خير ، إن قضي له بالسرّاء رضي ، وكان خيرا له وإن قضي عليه بالضرّاء رضي به وكان خيرا له . ومن حسن الظنّ باللَّه تعالى لطف التملَّق له سبحانه وتعالى ، وهو من قوة الطمع فيه . وفي خبر : حسن الظنّ باللَّه عزّ وجلّ من حسن عبادة الله عزّ وجلّ . كما روينا في تفسير قوله تعالى : * ( فَتَلَقَّى آدَمُ من رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ ) * [ البقرة : 37 ] إن الكلمات هي قوله عليه السلام : يا ربّ هذا الذنب

383

نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 383
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست