responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 374


وهب أيضا وأنعم به من المعرفة بذلك والمعونة عليه ، والحياء من تتابع النّعم هو من الشكر والمعرفة بالتقصير عن الشكر شكر ، والاعتذار من قلة الشكر شكر ، والمعرفة بعظيم الحلم وكثيف الستر شكر ، والاعتراف بما أعطى من حسن الثناء وجميل النشر أنه من النّعم من غير استحقاق من العبد بل هو مضاف إلى نعمه بل هو من الشكر ، وحسن التواضع بالنّعم والتذلَّل فيها شكر ، وشكر الخلق بالدعاء لهم وحسن الثناء عليهم لأنهم ظروف العطاء وأسباب المعطى تخلَّقا بأخلاق المولى جلّ وعلا هو من الشكر ، وقلة الاعتراض وحسن الأدب بين يدي المنعم شكر ، وتلقّي النّعم بحسن القبول وتكثير تصغيرها وتعظيم حقيرها من الشكر ، لأن طائفة هلكت باستصغار الأشياء واستحقار وجود المنافع بها جهلا بحكمة الله تعالى واستصغار النعمة فكان ذلك كفرا بالنّعم . ومن الناس من يقول إن الصبر أفضل من الشكر وليس يمكن التفضيل بينهما عند أهل التحصيل من قبل أن الشكر مقام لجملة من المؤمنين والترجيح بين جماعة على جماعة لا يصحّ من قبل تفاوتهم في اليقين في المشاهدات لأن بعض الصابرين أفضل من بعض الشاكرين لفضل معرفته وحسن صبره ، وخصوص الشاكرين أفضل من عموم الصابرين لحسن يقينه وعلوّ مشاهدته ، ولكن تفضيل ذلك من طريق الأحوال والمقامات أنا نقول : والله أعلم أن الصبر عن النعيم أفضل لأن فيه الزهد والخوف ، وهما أعلى المقامات وأن الشكر على المكاره أفضل لأن فيه البلاء والرضا ، وأن الصبر على الشدائد والضرّاء أفضل من الشكر على النّعم والسرّاء من قبل أنه أشقّ على النفس وأن الصبر مع حال الغنى والمقدرة أن يعصى بذلك أفضل من الشكر على النّعم من قبل أن الصبر عن المعاصي بالنّعم أفضل من الطاعة بها لمن جاهد نفسه فيها ، فإذا شكر على ما يصبر عليه فقد صار البلاء عنده نعمة ، وهذا أفضل لأنها مشاهدة المقربين ، وإذا صبر عمّا يشكر عليه من النّعم كان أفضل لأنها حال المجاهدة .
وقد قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلم : نحن معاشر الأنبياء أشد الناس بلاء ثم الأمثل فالأمثل يعني الأقرب شبها بنا فالأقرب . فرفع أهل البلاء إليه ووصف نفسه به وجعلهم الأمثل فالأمثل منه فمن كان برسول الله صلَّى الله عليه وسلم أمثل كان هو الأفضل . وقد كان النبي صلَّى الله عليه وسلم شاكرا على شدة بلائه كذلك الشاكر من الصابرين يكون أفضل لشكره على البلاء إذ هو الأقرب والأمثل بالأنبياء ، وكلّ مقام من مقامات المقرّبين يحتاج إلى صبر وشكر ، وأحدهما لا يتمّ إلا بالآخر لأن الصبر يحتاج إلى شكر عليه ليكمل ، والشكر يحتاج إلى صبر عليه ليستوجب المزيد . وقد

374

نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 374
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست