نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 373
[ الرعد : 39 ] أي يمحو ما لا يشاء ثبوته ويثبت ما يحبّ ولا يستطيع العبد شكر نعمة الإيمان ومعرفة بداية التفضّل به وقديم الإحسان من غير قدم من العبد ولا استحقاق بل بفضل الله وبرحمته ، وهذا أحد الوجوه في قوله تعالى : * ( كَلَّا لَمَّا يَقْضِ ما أَمَرَهُ ) * [ عبس : 23 ] أي لا يقضي العبد أبدا شكر ما أمره الله تعالى من نعمة الإسلام التي هي أصول النّعم في الدنيا والآخرة وهي سبب النجاة من النار ومفتاح دخول الجنة ولا أوّل للعبد فيها ولا شفيع كان له إلى الله تعالى بها ثم دوام ذلك وثباته مع الطرف والأنفاس بمدد منه نعم مترادفة . ومن هذا قوله تعالى : * ( كَتَبَ في قُلُوبِهِمُ الإِيمانَ وأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ ) * [ المجادلة : 22 ] أي قواهم بمدد يثبته ويقوّيه وهو معنى قوله تعالى : * ( يُثَبِّتُ الله الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ في الْحَياةِ الدُّنْيا وفي الآخِرَةِ ) * [ إبراهيم : 27 ] ومن ذلك قوله صلَّى الله عليه وسلم : يا مقلب القلوب أي عن الإيمان ومقلبها في الشك والشرك ثبّت قلبي على طاعتك . ومعرفة هذه النعمة اللطيفة العظيمة تستخرج من القلب خوف سوء الخاتمة لمشاهدة سرعة تقليب القلب بالمشيئة وذلك مزيد شكرها وهذا داخل في معنى قوله صلَّى الله عليه وسلم : أحبوا الله تعالى لما أسدى إليكم من نعمه ولما يغذوكم به أيضا . فمن أفضل ما غذانا به نعمة الإيمان له والمعرفة به وغذاؤه لنا منه دوام ذلك ومدده بروح منه وتثبيتنا عليه في تصريف الأحوال إذ هو أصل الأعمال التي هي مكان النوال . فلو قلب قلوبنا عن التوحيد كما يقلب جوارحنا في الذنوب ، ولو قلب قلوبنا في الشك والضلال كما يقلب نيّاتنا في الأعمال أي شيء كنّا نصنع وعلى أي شيء كنّا نعوّل وبأي شيء كنّا نطمئن ونرجو ، فهذا من كبائر النعم ومعرفته هو من شكر نعمة الإيمان والجهل بهذا غفلة عن نعمة الإيمان يوجب العقوبة وادعاء الإيمان أنه عن كسب معقول أو استطاعة بقوّة وحول هو كفر نعمة الإيمان وأخاف على من توهم ذلك أن يسلب الإيمان لأنه بدل شكر نعمة الله كفرا . وقد جعل الله تعالى الخيرات من كسب الإيمان وليس لنا فيما يكسبنا الخيرات مكان بل الله تعالى من علينا أن هدانا للإيمان وجعله سببا يكسب لنا بإحسانه الإحسان كما قال تعالى : * ( أَوْ كَسَبَتْ في إِيمانِها خَيْراً ) * [ الأنعام : 158 ] قيل التوبة . وقيل : الصالحات كلها كسب الإيمان ومن النّعم بعد الإيمان توفيقنا للحسنى وتيسيرنا لليسرى ، ثم صرف الكفر وأخلاق الكفرة وأعمالهم ثم تزيين الإيمان وتحبيبه إلينا وتكريه الفسوق والعصيان فضلا منه ونعمة إلى ما لا يحصى من نعمه فشكر ذلك لا يقام به إلا بما
373
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 373