responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 358


ثم قال صابرا فوصفه بالصبر فأظهر مكانه في القوة وخلقه بخلقه . ثم قال تعالى في آخر أوصافه : * ( نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ ) * [ ص : 44 ] ، فهذان أوّل وصف سليمان وآخره هاهنا شركه في الثناء وزاد أيوب بما تقدم من المدح والوصف الذي لا يقوم له شيء .
فمن قوله عزّ وجلّ : * ( واذْكُرْ عَبْدَنا أَيُّوبَ ) * [ ص : 41 ] إلى قوله : * ( نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ ) * [ ص : 44 ] عظيم من الفرقان عند أهل الفهم والتبيان وجعل في أوّل وصف سليمان أنه وهبه لأبيه داود عليهما السلام فصار حسنة من حسنات داود عليه السلام واشتمل قوله تعالى : * ( نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ ) * [ ص : 44 ] على أوّل وصفه وأوسطه وهو آخر وصف أيوب عليه السلام . وعلى جميع الأنبياء الصلاة والسلام .
وقد روينا في الخبر عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلم : آخر الأنبياء دخولا الجنة سليمان بن داود عليهما السلام لمكان ملكه ، وآخر أصحابي دخولا الجنة عبد الرحمن بن عوف لمكان غناه . وفي لفظ آخر : يدخل سليمان بن داود الجنة بعد الأنبياء بأربعين خريفا . وقد جاء في الآثار إن أوّل من يدخل الجنة أهل البلاء إمامهم أيوب وهو إمام أهل البلاء وإن أبواب الجنة كلها مصراعان إلا باب الصبر فإنه مصراع واحد . وأوّل من يدخله أهل البلاء فقد زاد أيوب على سليمان عليهما السلام بعموم هذه الأخبار لأنه سيد أهل البلاء وتذكرة وعبرة لأولي النهى وإمام أهل الصبر والضرّ والابتلاء ، ولم نقصد بما ذكرناه التفضيل بين الأنبياء لأنّا قد نهينا عن ذلك فيما روينا عن نبيّنا محمد صلَّى الله عليه وسلم أنه قال : لا تفضّلوا بين الأنبياء ولكن الله تعالى قد أخبرنا أن بعضهم مفضل على بعض في قوله : * ( ولَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلى بَعْضٍ ) * [ الإسراء : 55 ] وإنما أظهرنا فضل الثناء المستودع في الكتاب فاستنبطنا باطن الوصف المكرر في الخطاب في قصة أيوب على قصة سليمان عليهما السلام بما ظهر لنا من فهم فصل الخطاب وتدبر معاني الكلام وعلم الله تعالى المقدم وهو عزّ وجلّ أعلم وأحكم وقد ندبنا إلى الاستنباط في قول الرسول عليه السلام : اقرؤا القرآن والتمسوا غرائبه ولأن في ذلك عزّ الأهل الصبر والبلاء وتقوية لقلوبهم وتعريفا لسوابغ نعم الله تعالى عليهم وإظهارا لبواطن النعم وتنبيها على لطائف الكلم وتزهيدا في الدنيا والنفس وترغيبا في الآخرة والصبر وتفضيلا لطريق أهل البلاء الذين هم الأمثل فالأمثل بالأنبياء . فجاء من ذلك تفضيل المبتلي الصابر على بلائه ورضاه بحكم مولاه وتسليما لمرضاته على المنعم عليه ، الشاكر على نعمائه ، إذ النعم ملائمة للطبع موافقة للنفس لا يحتاج معها إلى كدّ النفس بالصبر عليها ولا حملها على المشقة فيها بالرضا بها . والبلاء مباين للطبع نافرة منه النفس يحتاج إلى حمل عليه ومشقة فيه ، وما كرهته النفس فهو خير وأفضل ولا سبيل إليه إلا

358

نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 358
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست