نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 344
أحدهما لا صلاح للدين إلا به ، والثاني هو أصل فساد الدين . ثم يتنوع الصبر فيكون صابرا على الذي فيه صلاح الدين فيكمل به إيمانه ويكون صابرا عن الذي فيه فساد الدين فيحسن به يقينه . روينا في معنى هذا عن عليّ رضي الله عنه : أنه لما دخل البصرة واستقام له الأمر دخل جامعها فجعل يخرج القصّاص ويقول القصص بدعة . فانتهى إلى حلقة شاب يتكلم على جماعة فاستمع إليه فأعجبه كلامه فقال : يا فتى أسألك عن شيئين فإن خرجت منهما تركتك تتكلم على الناس وإلا أخرجتك كما أخرجت أصحابك . فقال : سل يا أمير المؤمنين فقال : أخبرني ما صلاح الدين وما فساده ؟ قال : صلاحه الورع وفساده الطمع قال : صدقت تكلم فمثلك يصلح أن يتكلم على الناس . يقال : إن هذا الشاب هو إمامنا في هذا العلم وهو إمام الأئمة الحسن بن يسار مولى الأنصار البصري . وكان ميمون بن مهران يقول : الإيمان والتصديق والمعرفة والصبر واحد . وقال أبو الدرداء رضي الله عنه : ذروة الإيمان الصبر للحكم والرضا بالقدر . واعلم أن الورع أول الزهد وهو أول باب من أبواب الآخرة والطمع أوّل الرغبة . وهو باب كبير من أبواب الدنيا ، وهو استشعار الطمع من حبّ الدنيا . وحبّ الدنيا رأس كل خطيئة . ويقال : أول معصية عصي الله تعالى بها الطمع ، وهو أن آدم عليه السلام طمع في الخلود فأكل من الشجرة التي نهى عنها وإبليس طمع في إخراج آدم عليه السلام من الجنة فوسوس إليه فاتفقا في اسم المعصية لربهما تعالى بالطمع ، ثم افترقا في المطموع فيه وفي الحكم ، فتدورك آدم عليه السلام بحسن سابقته من الله تعالى وهلك إبليس بما سبق عليه من الشقوة ولا طمع هو تصديق الظن . ولذلك وصف الله تعالى به عدوه في قوله تعالى : * ( ولَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ ) * [ سبأ : 20 ] . والظنّ ضد اليقين ولا يغني من الحق شيئا . وقال الله تعالى في وصف المشركين : * ( إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وما نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ ) * [ الجاثية : 32 ] . فمن صبر عن الطمع في الخلق أخرجه الصبر إلى الورع ومن صبر عن الورع في الدين أدخله الصبر في الزهد ومن طمع في تصديق الظنّ الكاذب أدخله الطمع في حبّ الدنيا ، ومن استشعر حبّ الدنيا أخرجه حبها من حقيقة الدين . وقد قال بعض العلماء : ما كنا نعدّ إيمان من لم يؤذ فيحتمل الأذى ويصبر عليه إيمانا وقد فعل الله تعالى ذلك بالمؤمنين اختبارا وأخبر أن ذلك ليس منه عذابا وإنما هو فتنة لمن أراد فتنته وبلاءه من الناس ، فصار ذلك فتنة عليهم وابتلاء لهم وصار رحمة للمؤذي وخيرا في قوله تعالى : * ( ومن النَّاسِ من يَقُولُ آمَنَّا بِالله فَإِذا أُوذِيَ في الله جَعَلَ
344
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 344