responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 343


واحتسب ظفر بكمال ثوابه ، ثم قرأ ما عندكم ينفد وما عند الله باق وليجزينّ الذين صبروا أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون .
وفي حديث ابن المنكدر عن جابر قال : سئل رسول الله عن الإيمان فقال الصبر والسماحة . وقد قال الله تعالى وهو أصدق القائلين : * ( أُولئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِما صَبَرُوا ) * [ القصص : 54 ] . وقال عزّ وجلّ : * ( إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ ) * [ الزمر : 10 ] فضاعف أجر الصابرين على كلّ عمل ثم رفع جزاء الصبر فوق كلّ جزاء فجعله بلا نهاية ولا حدّ فدلّ ذلك أنه أفضل المقامات وجمع للصابرين ثلاثا فرقها على جمل أهل العبادات ، الصلاة ، والرحمة ، والهدى بعد البشارة في الآخرة والعقبي . وكان عمر رضي الله عنه يقول : نعم العدلان ونعمت العلاوة للصابرين . يعني بالعدلين الصلاة والرحمة وبالعلاوة الهدى ، والعلاوة ما يعلى به فوق الحملين على البعير فيكون كعدل ثالث . وقد أخبر الله تعالى أنه مع الصابرين ، ومن كان الله تعالى معه غلب ، كما أن من كان معه علا .
فقال تعالى : * ( واصْبِرُوا إِنَّ الله مَعَ الصَّابِرِينَ ) * [ الأنفال : 46 ] . كما قال الله عزّ وجلّ :
* ( وأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ والله مَعَكُمْ ) * [ محمد : 35 ] واشتراط الصبر لإمداده بجنده ولنصرة تأييده بقوله تعالى : * ( بَلى إِنْ تَصْبِرُوا وتَتَّقُوا ويَأْتُوكُمْ من فَوْرِهِمْ هذا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ من الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ ) * [ آل عمران : 125 ] . وكان سهل يقول : الصبر تصديق الصدق وأفضل منازل الطاعة الصبر على المعصية ثم الصبر على الطاعة . وقال في معنى قوله عزّ وجلّ : * ( اسْتَعِينُوا بِالله واصْبِرُوا ) * [ الأعراف : 128 ] أي استعينوا باللَّه على أمر الله .
واصبروا على أدب الله . وقال : لم يمدح الله تعالى أحدا إلا من صبر للبلاء والشدة فبذلك يثني عليه . وكان يقول : الصالحون في المؤمنين قليل ، والصادقون في الصالحين قليل ، والصابرون في الصادقين قليل . فجعل الصبر خاصيّة الصدق وجعل الصابرين خصوص الصادقين . وكذلك الله تعالى وهو أصدق القائلين ، قد رفع الصابرين على الصادقين في ترتيب المقامات ، فجعل الصبر مقاما في الصدق إن كانت الأوصاف المنسوقة نعتا واحدا للمسلمين . وكانت الواو للمدح وإن كانت مقامات فالواو للترتيب . فقد جعل الله الصابرين فوق الصادقين والقانتين أعني في قوله تعالى : * ( إِنَّ الْمُسْلِمِينَ والْمُسْلِماتِ والْمُؤْمِنِينَ والْمُؤْمِناتِ ) * [ الأحزاب : 35 ] الآية . وفي حديث عطاء عن ابن عباس رضي الله عنهما : ما دخل رسول الله صلَّى الله عليه وسلم على الأنصار قال : أ مؤمنون أنتم ؟ فسكتوا فقال عمر رضي الله عنه : نعم يا رسول الله قال : وما علامة إيمانكم ؟ قال : نشكر في الرخاء ونصبر على البلاء ونرضى القضاء فقال : مؤمنون ورب الكعبة . والصبر ينقسم على عملين ،

343

نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 343
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست