نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 33
وكان سفيان الثوري يقول : كان يعجبهم إذا تفرغوا أن يناموا طلبا للسلامة . فمن الناس من يكون أحسن أحواله النوم وليت العبد يكون يقظته كالنوم إذ في نومه السلامة وأفضل أعماله في هذا الوقت السلامة . وإنما الفضائل لأهل الأفضال الذين زادوا على السلامة والعدل بالإحسان ، والفضل . فإن نام في هذا الوقت فهو حينئذ نوم القائلة وما تسبب فيه من المعايش يصنعه في هذا الوقت من الضحى الأعلى إلى زوال الشمس ، وهذا هو الورد الثالث من النهار . ثم يتوضأ للصلاة قبل دخول وقتها وكذلك ويستحب وهو من المحافظة عليها والإقامة لها فإن حصلت كفايته في يومه وقوته في وقت من النهار ترك السوق ودخل بيته أو قعد في بيت مولاه تعالى واشتغل بخدمته متزودا لعاقبته . وقد كان الصالحون كذلك يفعلون . كان يقال لا يوجد المؤمن إلا في ثلاث مواطن : مسجد يعمره ، أو بيت يستره ، أو حاجة لا بدّ له منها . فإذا زالت الشمس فإن أبواب السماء تفتح للمصلين والذاكرين ويستجاب الدعاء للمؤمنين . فهذا هو الورد الرابع من النهار . فليصل بعد الزوال أربع ركعات يقرأ فيهن بمقدار سورة البقرة أو سورتين من المائتين أو أربع من المثاني يطيلهنّ ويحسنهن ولا يفصل بينهن بتسليم هذه الصلاة وحدها من بين صلاة النهار أربع ركعات بتسليمة واحدة . وهذا الورد هو الإظهار الذي ذكر الله عزّ وجلّ الحمد فيه فقال : * ( ولَهُ الْحَمْدُ في السَّماواتِ والأَرْضِ وعَشِيًّا وحِينَ تُظْهِرُونَ ) * [ الروم : 18 ] . وليتق العبد الصلاة عند استواء الشمس في كبد السماء وهو قبل زوالها عند تقلص الظل وقيام ظل كل شيء تحته ، فإذا زال الظل فقد زالت وقد خفي استواؤها في الشتاء لقصر النهار ولعدول الشمس في سيرها عن وسط الفلك فتقطع عرضا فيكون أقرب لغروبها فليقدر ذلك تقريبا ومقدار استوائها قبل الزوال نحو أربع ركعات بجزء من القرآن أو قدر جزء وهو آخر الورد الثالث ، وإنما فيه ورد القراءة والتسبيح والتفكر وهو أحد الأوقات الخمسة التي نهى النبي صلَّى الله عليه وسلَّم عن الصلاة فيهن والأربعة الأخر عند طلوع الشمس حتى ترتفع قيد رمحين في عين الناظر وعند تدليها للغروب حتى تحتجب وبعد صلاة الصبح وبعد صلاة العصر وأحب له الإحياء ما بين الأذان والإقامة بالركوع ، لأنها ساعة مستجاب فيها الدعاء وتفتح فيها أبواب السماء وتزكو فيها الأعمال . وأفضل أوقات النهار أوقات الفرائض فإن لم يقرأ بين الأذانين من درسه فاستحب له أن يقرأ في تنفله الآي التي فيها الدعاء مثل آخر سورة آل عمران ومن تضاعيف السور الاثنين والثلاث مثل قوله تعالى : * ( أَنْتَ وَلِيُّنا فَاغْفِرْ لَنا وارْحَمْنا وأَنْتَ خَيْرُ الْغافِرِينَ ) * [ الأعراف : 155 ] . ومثل قوله : * ( رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا ) * [ آل عمران : 8 ] . وقوله : * ( رَبَّنا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنا وإِلَيْكَ أَنَبْنا وإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ) * [ الممتحنة : 4 ] . وإن قرأ الآي التي فيها التعظيم والتسبيح والأسماء الحسني فحسن ، مثل
33
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 33