نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 32
ما يجل وصفه ، اختصرناه . روينا عن الحسن أن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم كان يذكر من رحمة ربه أنه قال يا ابن آدم اذكرني من بعد صلاة الفجر ساعة وبعد صلاة العصر ساعة أكفك ما بينهما . فإذا ارتفعت الشمس وابيضت صلَّى الضحى ثماني ركعات وهذا الوقت هو الذي ذكره الله عزّ وجلّ في قوله : * ( يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ والإِشْراقِ ) * [ ص : 18 ] ثم ينظر ، فإن علم مريضا عاده ، وإن حضرت جنازة شيعها ، وإن كانت معونة على برّ وتقوى سعى فيها ، وإن كانت حاجة لأخ من إخوانه قضاها ، وإن كانت فرضا يلزمه القيام به سارع إليه ، وإن لاح له فضل ندب إليه انتهزه قبل فوته . فهذا أفضل شيء يعمله بعد الأذكار والأفكار من بعد طلوع الشمس . فإذا فرغ من ذلك ولم يتفق له ما ذكرناه من القربات أخذ في الصلاة أو تلاوة القرآن أو صنوف الأذكار ممّا أمر به أو ندب إليه أو المحاسبة لنفسه فيما سلف أو المطالبة لها والاستخراج منها فيما يأتنف أو المراقبة لربه في كل حال إلى أن تنبسط الشمس وترمض الفصال ويرتفع النهار . هذا هو الورد الثاني من النهار وهو الضحى الأعلى الذي أقسم الله تعالى به فقال : * ( والضُّحى ) * [ الضحى : 1 ] . أي إذا أضحت الأقدام بحرّ الشمس . وإذا كان العبد على ذلك فقد اتبع ما أنزل إليه ربّه عزّ وجلّ ، وقد سمع قوله عزّ وجلّ : * ( اتَّبِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ من رَبِّكُمْ ) * [ الأعراف : 3 ] . لأنه قال : * ( إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَها ) * [ النمل : 91 ] . ثم قال : * ( وأَنْ أَتْلُوَا الْقُرْآنَ ) * [ النمل : 92 ] . كما قال تعالى : * ( اتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ من الْكِتابِ وأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ والْمُنْكَرِ ولَذِكْرُ الله أَكْبَرُ ) * [ العنكبوت : 45 ] وصلاة الضحى في هذا الوقت أفضل وهو حقيقة وقتها لوجود اسمها . قال النبي صلَّى الله عليه وسلَّم صلاة الضحى إذا رمضت الفصال . وخرج على أصحابه عليه الصلاة والسلام يوما وهم يصلون عند الإشراق فنادى بأعلى صوته ألا إنّ صلاة الأوّابين إذا رمضت الفصال . وقوله الأوّابين يعني التوابين إلى الله عزّ وجلّ في كل وقت . ثم ليأخذ العبد بعد ذلك فيما ندب إليه وأبيح له من التصرف في معاش إن كان من تجارة بصدق أو صناعة بنصح إن أحوج إلى ذلك وليكتف إن كفى . وأدنى أحواله الصمت والنوم ففيهما سلامة من الآثام ومخالطة الأنام فقد جاء في العلم يأتي على الناس زمان يكون أفضل علمهم الصمت وأفضل أعمالهم النوم . ومن الناس من يكون أحسن أحواله النوم وليت العبد يكون في اليقظة كالنوم إذ في نومه سلامة والسلامة متعذرة في يقظته وإنما الفضائل للأفاضل الذين زادوا على السلامة والعدل بالإحسان والفضل . هذا لدخول المشكلات في الكلام ووجود الآفات في الأحوال وخروج الإخلاص من الأعمال .
32
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 32