responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 319


وقال سهل بن عبد الله : التائب لا يقله شيء يكون قلبه متعلقا بالعرش حتى يفارق النفس ولا عيش له إلا الضرورة للقوام ويغتمّ على ما مضى والجدّ في الأمر ومباينة النهي فيما بقي ولا يتم له ذلك إلا باستعمال علم اليقين في كل شيء ثم المتابعة بأعمال الصالحات ليكون ممن قال الله تعالى : * ( ويَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ ) * [ الرعد : 22 ] الآية أي يدفعون ما سلف من السيئات بما يعملون من الحسنات .
وكذلك قال النبي صلَّى الله عليه وسلم في حديث أبي ذر فإذا عملت سيئة فاعمل بعدها حسنة السرّ بالسرّ والعلانية بالعلانية وفي وصية معاذ أتبع السيئة الحسنة تمحها وليدخل في الصالحين كما قال الله تعالى : * ( والَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ في الصَّالِحِينَ ) * [ العنكبوت : 9 ] . ثم المسارعة إلى الخيرات إذا قدر عليها ليدرك بها ما ضيع وفات ليكون من الصالحين وفي هذا المقام يصلح لمولاه فيحفظه ويتولاه كما قال الله :
* ( وهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ ) * [ الأعراف : 196 ] . وجمل ما على العبد في التوبة وما تعلق بها عشر خصال ، أولها فرض عليه أن لا يعصي الله تعالى ، والثانية إن ابتلى بمعصية لا يصرّ عليها ، والخصلة الثالثة التوبة إلى الله تعالى منها ، والرابعة الندم على ما فرط منه ، والخامسة عقد الاستقامة على الطاعة إلى الموت ، والسادسة خوف العقوبة ، والسابعة رجاء المغفرة ، والثامنة الاعتراف بالذنب ، والتاسعة اعتقاد أن الله تعالى قدر ذلك عليه وأنه عدل منه ، والعاشرة المتابعة بالعمل الصالح ليعمل في الكفارات لقوله صلَّى الله عليه وسلم : وأتبع السيئة الحسنة تمحها . وفي جميع هذه الخصال جمل آثار رويناها عن الصحابة والتابعين يكثر ذكرها .
ويقال : إن ملك الموت إذا ظهر للعبد أعلمه أنه قد بقي من عمرك ساعة وأنك لا تستأخر عنها طرفة عين قال : فيبدو للعبد من الأسف والحسرة ما لو كانت له الدنيا من أوّلها إلى آخرها لخرج منها على أن يضم إلى تلك الساعة ساعة أخرى ليستعتب فيها أو يستبدل بها فلا يجد إلى ذلك سبيلا ، وهذا تأويل قوله عزّ وجلّ : * ( وحِيلَ بَيْنَهُمْ وبَيْنَ ما يَشْتَهُونَ ) * [ سبأ : 54 ] قيل : التوبة وقيل : الزيادة في العمر وقيل : حسن الخاتمة حيل بينهم وبين ذلك كما فعل بأشياعهم من قبل أي بنظرائهم وأهل فرقتهم قال : فإذا كل ساعة تمضي على العبد فهي بمنزلة هذه الساعة قيمتها الدنيا كلها إذا عرف قيمة ذلك فلذلك قيل ليس لما بقي من عمر العبد قيمة إذا عرف وجه التقدير من الله تعالى بالتصريف والحكمة وقيل في معنى قوله تعالى : * ( من قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْ لا أَخَّرْتَنِي إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ ) * [ المنافقون : 10 ] قال : الوقت القريب أن يقول العبد عند كشف الغطاء : يا ملك الموت أخرني يوما أعبد فيه ربي وأعتب فيه ذنبي وأتزوّد صالحا لنفسي

319

نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 319
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست