responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 285


الله تبارك وتعالى لا يعبأ بصاحب رواية إنما يعبأ بذي فهم ودراية . وقال أيضا : من لم يكن له عقل يسومه لم تنفعه كثرة مروياته للحديث وقد أنشدنا لبعض الحكماء في معنى ذلك :
العلم علمان فمصنوع ومطبوع * ولا ينفع مجموع إذا لم يك مصنوع كما لا تنفع الشمس وضوء العين ممنوع * وكان الجنيد رحمه الله كثيرا ينشد :
علم التصوّف علم ليس يعرفه * إلا أخو فطنة بالحق معروف وليس يعرفه من ليس يشهده * وكيف يشهد ضوء الشمس مكفوف لأن الكتب والمجموعات محدثة والقول بمقالات الناس والفتيا بمذهب الواحد من الناس وإنتحاء قوله والحكاية له في كل شيء والتفقه على مذهبه محدث لم يكن الناس قديما على ذلك في القرن الأول والثاني . وهذه المصنفات من الكتب حادثة بعد سنة عشرين ومائة من التأريخ وبعد وفاة كل الصحابة وعلية التابعين . يقال إن أوّل كتاب صنّف في الإسلام كتاب ابن جريج في الآثار وحروف من التفاسير عن مجاهد وعطاء وأصحاب ابن عباس بمكة ثم كتاب معمر بن راشد الصنعاني باليمن جمع فيه سننا منثورة مبوّبة ، ثم كتاب الموطأ بالمدينة لمالك بن أنس رضي الله عنه في الفقه ثم جمع ابن عيينة كتاب الجوامع في السنن والأبواب وكتاب التفسير في أحرف من علم القرآن وجامع سفيان الثوري الكبير رضي الله عنه في الفقه والأحاديث . فهذه من أوّل ما صنف ووضع من الكتب بعد وفاة سعيد بن المسيب وخيار التابعين وبعد سنة عشرين أو أكثر ومائة من التأريخ فكان العلماء الذين هم أئمة هؤلاء العلماء من طبقات الصحابة الأربعة ومن بعد موت الطبقة الأولى من خيار التابعين هم الذين انقرضوا قبل تصنيف الكتب وكانوا يكرهون كتب الحديث ووضع الناس الكتب لئلا يشتغل بها عن القرآن وعن الذكر والفكر . وقالوا :
احفظوا كما حفظنا ولئلا يشتغل الناس عن الله تعالى برسم ولا وسم كما كره أبو بكر الصديق رضي الله عنه وعلية الصحابة تصحيف القرآن في مصحف وقالوا : كيف نفعل شيئا لم يفعله رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ؟ وخشوا اشتغال الناس بالصحف واتكالهم على المصاحف فقالوا : نترك القرآن يتلقاه الناس بعضهم من بعض تلقنا بالتلقين والإقراء ليكون هو شغلهم وهمتهم وذكرهم حتى أشار عليه عمر رضي الله عنه وبقية الصحابة أن يجمع القرآن في

285

نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 285
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست