نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 284
فاهرب منه . وقال أبو محمد : سهل العلم يهتف بالعمل فإن أجابه وإلا ارتحل . وقال ذو النون : يقول اجلس إلى من تكلمك صفته ولا تجلس إلى من يكلمك لسانه . وقد كان الحسن قبله يقول : جالس من تكلمك أعماله ولا تجالس من يخاطبك مقاله . وقد كان طائفة يصحبون كثيرا من أهل المعرفة للتأدب بهم والنظر إلى هديهم وأخلاقهم إن لم يكونوا علماء لأن التأديب يكون بالأفعال والتعلَّم يكون بالمقال . ومن أبلغ ما سمعت منهم في هذا المعنى ما قال بعض الحكماء : وعظ واحد لألف بفعل أنجح فيهم وأوقع من وعظ ألف لواحد بقول . وكان سهل يقول : العلم كله دنيا والآخرة منه العمل به والعمل هباء إلا الإخلاص . وقال مرة : الناس موتى إلا العلماء والعلماء سكارى إلا العاملين . والعاملون مغرورون إلا المخلصين والمخلص على وجل حتى يختم له به ولم يكن العالم عند العلماء من كان عالما بعلم غيره ولا حافظا لفقه سواه . هذا كان اسمه راوية وواعيا وحاملا وناقلا . وقد كان أبو حازم الزاهد يقول : ذهب العلماء وبقيت علوم في أوعية سود . وقد كان الزهري يقول : كان فلان وعاء للعلم وحدثني فلان وكان من أوعية العلم ولا يقول كان عالما . وكذلك جاء الخبر : رب حامل فقه غير فقيه ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه . وكانوا يقولون حماد الراوية يعنون أنه كان راويا ودخول الهاء في الاسم للمبالغة في الوصف كما يقال علَّامة ونسّابة . وإنما كان العالم عندهم الغني بعلمه لا بعلم غيره وكان الفقيه فيهم هو الفقيه بفقه علمه وقلبه لا بحديث سواه . كما جاء في الأثر : أي الناس أغنى ؟ قال : العالم الغني بعلمه إن احتيج إليه نفع وإلا اكتفى عن الناس بعلمه لأن كل عالم بعلم غيره فإنما صار عالما بمجموعه ، فمجموعه هم العلماء وكل فاضل بوصف سواه فموصوفه هم الفضلاء . فإذا تركهم وانفرد سكت . فلم يرجع إلى علم لنفسه يختص به فصار في الحقيقة موصوفا بالجهل واصفا لطرائق أهل الفضل موسوما بعلم السمع والنقل فمثل العالم بعلم غيره مثل الواصف لأحوال الصالحين العارف بمقامات الصديقين ولا حال له ولا مقام فليس يعود عليه من وصفه إلا الحجة بالعلم والكلام . وسبق العارفون باللَّه في الحجة بالأعمال والمقام . فمثله كما قال الله تعالى : * ( ولَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ ) * [ الأنبياء : 18 ] . وكقوله عزّ وجلّ : * ( كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وإِذا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قامُوا ) * [ البقرة : 20 ] لا يرجع إلى بصيرة فيه بما اشتبه من ظلمات الشبه عليه مما اختلف العلماء فيه ولا يتحقق بوجد منه فيه يجده عن حال ألبسها بوجده وإنما هو متواجد بوجد غيره فغيره هو الواجد وشاهد على شهادة سواه . فالسوي هو الشاهد . وقد كان الحسن يقول : إن
284
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 284