نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 275
إذ كل علم قيمته معلومة ووزن كل عالم علمه . وقد قال عبد الواحد بن زيد إمام الزاهدين كلاما في هذا المعنى ويفرد به العلماء باللَّه تعالى ويرفع طريقهم فوق كل طريق أنشدونا عنه رحمه الله تعالى : الطرق شتى وطرق الحق مفردة * والسالكون طريق الحق أفراد لا يعرفون ولا تسلك مقاصدهم * فهم على مهل يمشون قصاد والناس في غفلة عما يراد بهم * فجلهم عن سبيل الحق رقاد وروينا عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال لما مات عمر رضي الله عنه : إني لأحب هذا الرجل قد ذهب بتسعة أعشار العلم فقيل له : تقول هذا وأصحاب رسول الله صلَّى الله عليه وسلم متوافرون فقال : إني لست أعني العلم الذي تذهبون إليه إنما أعني العلم باللَّه عز وجلّ . وكان ابن مسعود يقول : المتقون متوارون . وكذلك كان يقول : المتقون سادة والعلماء قادة ومجالستهم زيادة يعني أن المتقين سادة الناس كما قال الله عزّ وجل : * ( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ الله أَتْقاكُمْ ) * [ الحجرات : 13 ] والعلماء قادة المتقين أي أئمتهم يقتفون آثارهم لأنه قال تعالى : * ( واجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً ) * [ الفرقان : 74 ] . ففضل العلماء على المتقين وجعلهم أئمة لهم صار المتقون أصحابه وأخبر بالمزيد في مجالستهم أي مجالستهم زيادة على مجالسة المتقين غير العلماء لأن كل عالم تقيّ وليس كل تقيّ عالما كما روى بمعناه العلماء كثير والحكماء من العلماء قليل والصالحون كثير والصادقون من الصالحين قليل . وسئل ابن المبارك من الناس ؟ قال : العلماء . قيل فمن الملوك ؟ قال : الزهاد . قيل : فمن السفلة ؟ قال : من يأكل بدينه . وقال مرة في رواية الذين يتلبسون ويطلبون ويتعرضون للشهادات وقال فرقد السنجي للحسن رحمهما الله تعالى في شيء سأله عنه . فأجابه : يا أبا سعيد إن الفقهاء يخالفونك فقال : ثكلتك أمك فرقد وهل رأيت بعينيك فقهاء ؟ إنما الفقيه الزاهد في الدنيا الراغب في الآخرة البصير بدينه المداوم على عبادة ربه الورع الكافّ عن أعراض المسلمين العفيف عن أموالهم الناصح لجماعتهم جمعنا قوله هذا في ثلاث روايات عنه مختلفة فهذه صفات العالم باللَّه تعالى وهم العارفون . وحدثنا عن عبد الله بن أحمد بن حنبل قال : قلت لأبي : بلغنا أنك كنت تختلف إلى معروف أ كان عنده حديث ؟ فقال : يا بني كان عنده رأس الأمر تقوى الله عزّ وجلّ وقيل للإمام أحمد رضي الله عنه : بأي شيء ذكر هؤلاء الأئمة ووصفوا ؟ فقال : ما هو إلا الصدق الذي كان فيهم قيل له : وما الصدق ؟ قال : هو الإخلاص قيل له : فالإخلاص ما هو ؟
275
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 275