responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 274


هو من صفة القلب والخوف الذي هو سبب الفقه وعلم العقل داخل في علم الظاهر والعلم باللَّه داخل في اليقين كما روي في الخبر اليقين الإيمان كله . وقال الله تعالى : * ( وما يَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُونَ ) * [ العنكبوت : 43 ] فجعل العقل وصفا من العلم وقد أمر رسول الله صلَّى الله عليه وسلم بتعليم اليقين كما أمر بطلب العلم فكان هذا الحديث مخصوصا من ذاك فيكون قوله صلَّى الله عليه وسلم : تعلَّموا اليقين للخصوص لأن اليقين مقام فوق العلم ويكون قوله طلب العلم فريضة للعموم وفي قوله تعلموا اليقين أمر بمجالسة الموقنين لأن اليقين لا يظهر بذاته وإنما يوجد عند الموقنين فقد أمرهم ولم يقل تعلموا علم المعقول ولا علم الفتاوى وكان علماء الظاهر قديما يسمون المفتين ومن ذلك قوله صلَّى الله عليه وسلم استفت قلبك وإن أفتاك المفتون فرده إلى فقه القلب وصرفه عن فتيا المفتين فلو لا أن القلب فقيه لم يجز أن يدله صلَّى الله عليه وسلم على غير فقيه ولو لا أن علم الباطن حاكم على الظاهر ما دفعه من علوم أهل الظاهر وهم علماء الألسنة إلى علم الباطن وهو علم أهل القلوب ما رده إليه ولا يجوز أن يرده من فقيه إلى فقيه دونه كيف وقد جاء هذا الحديث بلفظه مؤكدة بالتكرير والمبالغة فقال استفت قلبك وإن أفتوك وأفتوك ، وهذا مخصوص لمن كان له قلب وألقى سمعه وشهد قيام شاهده وعرى عن شهواته ومعهوده لأن الفقه ليس من وصف اللسان ألم تسمع قوله تعالى : * ( لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِها ) * [ الأعراف : 179 ] . فمن كان له قلب سميع بسميع شهيد بشهيد فقه به الخطاب فاستجاب لما سمع وأناب وذكر في قوله تعالى : * ( لِيَتَفَقَّهُوا في الدِّينِ ) * [ التوبة : 122 ] وصفين ظهرا عن الفقه أحدهما النذارة وهو مقام في الدعوة إلى الله عز وجل ولا يحكون النذير إلا مخوّفا ولا يكون المخوف إلا خائفا والخائف عالم والثاني الحذر وهو حال من المعرفة باللَّه عزّ وجلّ وهو الخشية له . والفقه والفهم اسمان لمعنى واحد والعرب تقول : فقهت بمعنى فهمت وقد فضل الله تعالى الفهم عنه على العلم والحكمة ورفع الإفهام على القضاء والأحكام فقال تعالى : * ( فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ ) * [ الأنبياء : 79 ] . فأفرده بالفهم عنه وهو الذي فضله به على حكم أبيه في القضية بعد أن أشركهما في الحكم والعلم . وقد فضل الحسن بن علي رضي الله عنهما علماء الهداية إلى الله سبحانه وتعالى الدالين عليه عزّ وجلّ وسماهم العلماء وحققهم بالعلم في كلام روي لنا عنه منظوما وقد رويناه أيضا عن عليّ كرم الله وجهه ورضي عنه :
ما الفخر إلا لأهل العلم إنهم * على الهدى لمن استهدى أدلَّاء ووزن كل امرئ ما كان يحسنه * والجاهلون لأهل العلم أعداء فمن كان عالما يعلم معلومه الله سبحانه وتعالى فمن أفضل منه وأي قيمة تعرف له

274

نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 274
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست