responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 245


واسمعوا منهم على اليقين لأنهم علماؤه وأما مشاهدة الدليل فهي بعد المعرفة التي هي العيان وهو اليقين لسانه الواجد والواجد بها واجد قرب وبعد هذا الوجد علم من عين اليقين وهذا يتولاه الله تعالى بنوره على يده بقدرته . ومنه قوله صلَّى الله عليه وسلم : فوجدت بردها فعلمت فهذا التعليم بعد الوجد من عين اليقين باليقين وهذا من أعمال القلوب . وهؤلاء علماء الآخرة وأهل الملكوت وأرباب القلوب وهم المقربون من أصحاب اليمين وعلم الظاهر من علم الملك وهو من أعمال اللسان والعلماء به موصوفون بالدنيا وصالحوهم أصحاب اليمين وجاء رجل إلى معاذ بن جبل فقال : أخبرني عن رجلين ، أحدهما مجتهد في العبادة كثير العمل قليل الذنوب إلا أنه ضعيف اليقين يعتريه الشك في أموره فقال معاذ : ليحبطن شكَّه أعماله . قال : فأخبرني عن رجل قليل العمل إلا أنه قوي اليقين وهو في ذلك كثير الذنوب فسكت معاذ فقال الرجل : والله لئن أحبط شكّ الأوّل أعمال بره ليحبطن يقين هذا ذنوبه كلها قال : فأخذ معاذ بيده وقام قائما ثم قال : ما رأيت الذي هو أفقه من هذا وقد روينا معناه مسندا قيل : يا رسول الله رجل حسن اليقين كثير الذنوب ورجل مجتهد في العبادة قليل اليقين : فقال ما من آدمي إلا وله ذنوب ولكن من كانت غريزته العقل وسجيته اليقين لم تضره الذنوب لأنه كلما أذنب تاب واستغفر وندم فتكفر ذنوبه ويبقى له فضل يدخل به الجنة .
وروينا في حديث أبي أمامة عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلم ومن أقل ما أوتيتم اليقين وعزيمة الصبر ومن أعطى حظه منهما لم يبال ما فاته من قيام الليل وصام النهار ، وفي وصية لقمان لابنه : يا بني لا يستطاع العلم إلا باليقين ولا يعمل المرء إلا بقدر يقينه ولا يقصر عامل حتى يقصر يقينه وقد يعمل الضعيف إذا كان متيقنا أفضل من العمل القوي الضعيف في يقينه ومن يضعف يقينه تغلبه المحقرات من الإثم . وقد كان يحيى بن معاذ يقول : إن للتوحيد نورا وللشرك نارا وإن نور التوحيد أحرق لسيّئات الموحدين من نار الشرك لحسنات المشركين . واليقين على ثلاث مقامات : يقين معاينة وهذا لا يختلف خبره فالعالم به خبير وهو للصديقين والشهداء ، ويقين تصديق واستسلام وهذا في الخبر والعالم به مخبر مسلم وهذا يقين المؤمنين وهم الأبرار منهم الصالحون ومنهم دون ذلك كقوله تعالى جده : * ( وما زادَهُمْ إِلَّا إِيماناً وتَسْلِيماً ) * [ الأحزاب : 22 ] . وقد يضعف هؤلاء بعدم الأسباب ونقصان المعتاد ويقوون بوجودها وجريان العادة ويحجبون بنظرهم إلى الأواسط ويكاشفون بها ويجعلون مزيدهم وأنسهم بالخلق ويكون نقصهم ووحشتهم بفقدهم ويكون من هؤلاء الاختلاف ويتلوّنون بالخلاف لتلوين الأشياء وتغيرها نقصها .

245

نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 245
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست