نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 241
وروينا عنه أيضا أنه قال : إن الله لا يعبأ بذي قول ورواية إنما يعبأ بذي فهم ودراية . وقال أبو حصين : إن أحدهم ليفتي في مسألة لو وردت على عمر بن الخطاب رضي الله عنه لجمع لها أهل بدر . وقال غيره : يسأل أحدهم عن الشيء فيسرع للفتيا ولو سئل أهل بدر عنها لأعضلتهم . وقال عبد الرحمن بن يحيى الأسود وغيره من العلماء : إن علم الأحكام والفتاوى كان الولاة والأمراء يقومون به وترجع العامة إليهم فيه ثم ضعف الأمر وعجزت الولاة عن ذلك لميلهم إلى الدنيا وشغلهم بالحروب عنها فصاروا يستعينون على ذلك بعلماء الظاهر وبالمفتين في الجوامع . فكان الأمير إذا جلس للمظالم قعد عن يمينه وشماله مفتيان يرجع إليهما في القضاء والأحكام ويأمر الشرط بمثل ذلك فكان من الناس من يتعلم علم الفتيا والقضاء ليستعين بهم الولاة على الأحكام والقضاء حتى كثر المفتون رغبة في الدنيا وطلبا للرئاسة ثم اختلف الأمر بعد ذلك حتى تركت الولاة الاستعانة بالعلماء ومما يدلك على ذلك حديث عمر رضي الله عنه حيث كتب إلى ابن مسعود عقبة بن عامر ألم أخبر أنك تفتي الناس ولست بأمير ولا مأمور . وفي حديث أبي عامر الهروي قال : حججت مع معاوية فلما قدمنا مكة حدث عن رجل يقضي ويفتي الناس مولى لبني مخزوم فأرسل إليه فقال : أمرت بهذا قال : لا ، قال : فما حملك عليه ؟ قال : نفتي وننشر علما عندنا . فقال معاوية : لو تقدمت إليك قبل يومي هذا لقطعت منك طابقا ثم نهاه ولم يكونوا يقولون ذلك في علم القلوب ولا علم الإيمان واليقين بل قد كتب عمر إلى أمراء الأجناد : احفظوا ما تسمعون من المطيعين فإنهم تجلَّى لهم أمور صادقة وقد كان عمر رضي الله عنه يجلس إلى المريدين فيستمع إليهم . وفي الخبر : إذا رأيتم الرجل قد أوتي صمتا وزهدا فاقتربوا منه فإنه تلقى الحكمة . وقال بعض أصحاب الحديث : رأيت سفيان الثوري حزينا فسألته فقال وهو برم : ما صرنا إلا متجرا لأبناء الدنيا قلت : وكيف ؟ قال : يلزمنا أحدهم حتى إذا عرف بنا وحمل عنا جعل عاملا أو جابيا أو قهرمانا . وكان الحسن يقول : يتعلم هذا العلم قوم لا نصيب لهم منه في الآخرة يحفظ الله تعالى بهم العلم على الأمة لئلا يضيع . وقال المأمون رحمه الله : لو لا ثلاث لخربت الدنيا : لو لا الشهوة لانقطع النسل ولو لا حب الجمع لبطلت المعايش ولو لا حب الرئاسة لذهب العلم . فهذا كله وصف علماء الدنيا وأهل علم الألسنة . وأما علماء الآخرة وأهل المعرفة واليقين فإنهم كانوا يهربون من الأمراء ومن أتباعهم وأشياعهم من أهل الدنيا وكانوا ينتقصون علماء الدنيا ويطعنون عليهم ويتركون مجالستهم . وقال ابن أبي ليلى أدركت في هذا المسجد مائة وعشرين من الصحابة ما سئل أحدهم عن حديث ولا
241
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 241