responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 229


إيمان الذي يقال أخرجوا من النار من كان في قلبه وزن مثقال من إيمان فما زاد على هذا المقدار فهو متصل باليقين وهو مؤيد بالروح يمده روح التأييد فلا ينطفئ فهو المزحزح عن النار .
وقد قال بعض علمائنا : من ظن أنه يصل إلى الله بغير الله تعالى قطع به . ومن استعان على عبادة الله تعالى بنفسه وكل إلى نفسه . ثم إن الخلق محجوبون بعد هذا الحجاب بثلاثة حجب بعضها أكثف من بعض أحدها أواسط وأسباب معترضة وشهوات جاذبة وعادات راجعة صادرة . فالأسباب توقفهم عليها والشهوات تجذبهم إليها والعادات تردهم فيها . فأي هذه الحجب ظهر في القلب وبعضها أشد عليه من بعض فهو مكان للعدوّ أوسع من مكان فتمكن سلطانه على قدر سعة مكانه فقويت النفس بتزيين العدوّ وسوّلت بتأميلها فملكت العبد ملكا أشد من ملك ، فإذا ملكت النفس العبد كان مملوكها وأسيرها وكانت بالهوى أميرة فاستهواه الشيطان حينئذ بالغواية والإضلال واستحوذ عليه بمعاني المشاركة في الأولاد والأموال . فشغله بذلك عن الله سبحانه وتعالى وأنساه ذكر الله عزّ وجلّ ، وهذا هو الاقتران الذي ذمه الله تعالى في قوله : * ( ومن يَكُنِ الشَّيْطانُ لَهُ قَرِيناً فَساءَ قَرِيناً ) * [ النساء : 38 ] وهو فوق النزغ الهمز والخاطر بعد الهمة وهو خطور العدوّ على القلب بالوسوسة يزين الهمة ويملي للعبد ويرجيه ويفسح له في أمله ويمنية بالتوبة حتى تهون عليه المعصية ويعده بعدها بالمغفرة حتى يجرئه على الخطيئة وهذا هو الوعد بالغرور وبعده الهلاك والثبور . كما قال يعدهم أي التوبة ويمنيهم المغفرة وما يعدهم الشيطان إلا غرورا ، وهذا كله تصديق ظن العدوّ بالعبد واتباع العبد له بالهوى عن مقام البعد وكشف لعلم الله تعالى بإظهار الحكم وإنفاذ المشيئة وهو الابتلاء بالأسباب فصار العدوّ سببا لقوله تعالى : * ( ولَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقاً من الْمُؤْمِنِينَ ) * [ سبأ : 20 ] . ثم أحكم ذلك بسابق علمه فقال : * ( وما كانَ لَهُ عَلَيْهِمْ من سُلْطانٍ ) * [ سبأ : 21 ] ، يعني بحوله وقوّته وبقهره ومشيئته إلا لنعلم من يؤمن بالآخرة ممن هو منها في شك أي لنرى وقيل لنعلم العلم الذي يجازي عليه بالثواب والعقاب وقيل :
لنختبر ونكشف وقيل : لنعلم المؤمنين ذلك فيستبين لهم ويعلم من عمل تلك الأعمال التي ظهرت منه فتوقع عليه بذلك الحجة ويتبين له كذبه كما قال : * ( فَلَيَعْلَمَنَّ الله الَّذِينَ صَدَقُوا ولَيَعْلَمَنَّ الْكاذِبِينَ ) * [ العنكبوت : 3 ] . فعلى هذه المعاني مجاز كل ما في كتاب الله عزّ وجلّ من قوله لنعلم وحتى نعلم إذ كان علمه تعالى قد سبق المعلومات وإذا كانت الأشياء عن علمه بعلمه جاريات فجعل تسليط العدوّ بسلطانه كشفا

229

نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 229
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست