responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 228


وقد قال تعالى : * ( فَإِنَّ الله لا يَهْدِي من يُضِلُّ ) * [ النحل : 37 ] أي فإن الله من شأنه أن أحدا لا يهدي من أضله ومن كان أضله الله في سابق علمه فكيف يهديه الآن . كذلك قال على الحرف الآخر فإن الله لا يهدي من يضلّ فإذا كان المعطي هو المانع فمن يعط ولو كان الخير كله في قلب عبد ما قدر أن يوصل إلى قلبه من قلبه ذرة ولا استطاع أن ينفع نفسه بنفسه خردلة لأن قلبه وإن كان جارحته فهو خزانته وله فيه ما لا يعلم هو فهو لا يطلع على ما فيه كما قال معجبا لمن جهله وأضله أطَّلع الغيب أم اتخذ عند الرحمن عهدا فكيف به أن يملك ما فيه فيصرفه بما يحب . وقد قال : سبحان مصرف القلوب وقد خاطب الله تعالى سيد البشر وأمره أن يخبر فقال : * ( قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً ولا ضَرًّا إِلَّا ما شاءَ الله ) * [ الأعراف : 188 ] . ثم قال بعد ذلك : * ( قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا ولا رَشَداً ) * [ الجن : 21 ] . ثم قال بعد ذلك : * ( قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي من الله أَحَدٌ ولَنْ أَجِدَ من دُونِهِ مُلْتَحَداً ) * [ الجن : 22 ] . وإذا كان المالك عزيزا جبارا وكان كل شيء بيده لم يوصل إلى ما عنده بقوة ولا حيلة فليس الطريق إليه إلا الصدق والإخلاص والذل والافتقار وقد حجب العقل المكيد عن النظر إلى المبدئ المعيد بما أظهر له من صورته وحركته فستره عن الأول المصوّر وعن القادر المحرّك فادّعى عن نظره إلى حركته وسكونه التي هي حجة له عن المحرّك لغيب ادعاء الحركة والسكون بنفسه لوقوف نظره على نفسه إذ كان مشهودا وعمي عن النظر إلى الشاهد المحرّك المسكن لبعد مقامه لأنه غيب من وراء الحركة والغيب لا يشهد إلا بغيب وهو اليقين كما لا تدرك الشهادة إلا بشهادة وهي العين فمن عمي بصره لم ير من الملك شيئا كذلك من حجب قلبه لم ير من الملك شيئا . فلعدم اليقين عمي عند المشاهدة ولإيقاع الحجة والحجاب أدرك بالمعقول الشهادة . ولو كان من أولي البصائر لاعتبر الحركة الغيبية بالمتحرك المشاهد فكما أن الحركة غيب في الجسم ظهر عنها المتحرك فأظهر سبحانه المتحرك وأخفى الحركة فيه وأظهر الصنعة وأخفى الصنع فيها لتفصيل حكمته كذلك الصانع ذو الصنعة الأول والحاكم الأعلى ذو الحكمة الأغلب غيب عن الحركة التي أخفاها هو من ورائها بلطائف القدرة فشهد المعقول ما أشهدهما أظهر له ووجه به لأنه معقول عليه محدود له وعمي عما غيب عنه لفقد اليقين منه فعندهما ادّعى الحركة والسكون للشاهد فحجبه ذلك عن الشهيد وشهد الموحد بشهادة التوحيد فوجد لما كشف له الملكوت بنور اليقين فأفرد .
وقد قال بعض العارفين : من نظر في توحيده إلى عقله لم ينجه توحيده من النار ومن كان توحيده في الدنيا معلقا بمعقوله لم يحمل توحيده معه لي اليقين أحسب أن هذا

228

نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 228
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست