نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 220
قال : بلى . قلت : فيكفيهما ذلك . وقال بعض العارفين قال : سألت بعض الأبدال عن مسألة من مشاهدة اليقين فالتفت إلى شماله وقال : ما تقول رحمك الله ثم التفت إلى يمينه فقال ما تقول رحمك الله ثم أطرق إلى صدره وقال : ما تقول رحمك الله ثم أجابني بأغرب جواب ما سمعته قط وأعلاه فقلت رأيتك التفتّ عن شمالك ويمينك ثم أقبلت على صدرك فما ذا ؟ فقال : سألتني عن مسألة لم يكن عندي فيها علم عتيد فالتفت إلى صاحب الشمال فسألته عنها وظننت أن عنده منها علما فقال : لا أدري فسألت صاحب اليمين وهو أعلم منه فقال : لا أدري فنظرت إلى قلبي فسألته فحدثني بما أجبتك وإذا هو أعلم منها . وقد كان أبو يزيد وغيره يقولون : ليس العلم الذي يحفظ من كتاب الله فإذا نسي ما حفظ صار جاهلا إنما العلم الذي يأخذ علمه من ربه عزّ وجلّ أي وقت شاء بلا تحفظ ولا درس فهذا لعمري لا ينسى علمه وهو ذاكر أبدا لا يحتاج إلى كتاب وهو العالم الرباني وهذا هو وصف قلوب الأبدال من الموقنين ليسوا واقفين مع حفظ إنما هم قائمون بحافظ . وقد روينا في الخبر : إن من أمتي محدثين ومكلمين وإن عمر منهم وقرأ ابن عباس : وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي ولا محدث يعني الصديقين وهذا كان طريق السلف من الصحابة وخيار التابعين إذا سئلوا وفقوا وألهموا الصواب لقربهم من حسن التوفيق وسلوكهم حقيقة محجة الطريق فخاطر اليقين إذا ورد على قلب مؤمن اضطرته مشاهدته إلى القيام به وإن خفي على غيره وحكم عليه بيانه وبرهانه بصحة دليله وإن التبس على من سواه . وقد قال الله تعالى في تخصيص الموقنين : * ( قَدْ بَيَّنَّا الآياتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ) * [ البقرة : 118 ] هذا بصائر للناس وهدى ورحمة لقوم يوقنون . وقال في نعت المتقين : * ( وما خَلَقَ الله في السَّماواتِ والأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ ) * [ يونس : 6 ] وقال تعالى : * ( هذا بَيانٌ لِلنَّاسِ وهُدىً ومَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ ) * [ آل عمران : 138 ] وقال في فضل العلماء : * ( بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ في صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ) * [ العنكبوت : 49 ] وقال : * ( قَدْ فَصَّلْنَا الآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ) * [ الأنعام : 97 ] فحقيقة العلم إنما هو من التقوى واليقين وهذا هو علم المعرفة المخصوص به المقربون وهب لهم الآيات وخصهم بالبيان والدلالات بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء . فهذه الخواطر تبدو في القلوب عن هذه الأواسط التي هي خزائن الله تعالى من خزائن الأرض ولله خزائن السماوات والأرض ولكنّ
220
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 220