نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 214
قلبه وزن ذرة من إيمان لم يحق عليه الخلود في دار الهوان لتعلقه بيسير الإيقان وأن من زاد إيمانه على وزن دينار لم يكن للنار عليه سلطان فكان من الأبرار وأن من نقص إيمانه عن ذرة لم يخرج من النار وإن كانت سيماه واسمه في الظاهر في المؤمنين لأنه في علم الله من المنافقين الفجار . وقد قال الله تعالى في وصفهم : * ( وإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ ) * [ الانفطار : 14 ] ثم قال : * ( وما هُمْ عَنْها بِغائِبِينَ ) * [ الانفطار : 16 ] ثم صار صاحب المثقال والذرة في الجنة على تفاوت درجات وكان الزائد إيمانه على مثقال في أعلى عليين علا هؤلاء وترفع أهل الدرجات العلى على أهل عليين ارتفاع الكوكب الذي في أفق السماء وكلهم قد اجتمع في الجنة . على تفاوت مقامات وتعالي درجات . وروينا عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلم ليس شيء خيرا من ألف مثله إلا الإنسان فلعمري إن قلب الموقن خير من ألف قلب مسلم لأن إيمانه فوق مائة إيمان مؤمن وعلمه باللَّه تعالى أضعاف علم مائة مسلم . ويقال إن واحدا من الأبدال الثلاثمائة قيمته قيمة ثلاثمائة مؤمن . وكان أبو محمد يقول : يعطي الله تعالى بعض المؤمنين من الإيمان بوزن جبل أحد ويعطي بعضهم مثل ذرة . وقد قال الله تعالى : * ( وأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ) * [ آل عمران : 139 ] ، بالعلو ولا نهاية لعلو الإيمان فصار علوّ كل قلب على قدر إيمانه ولذلك رفع العلماء على المؤمنين درجات في قوله تعالى : * ( يَرْفَعِ الله الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ والَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ ) * . ففسرها ابن عباس رضي الله عنه فقال : * ( الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ) * [ الروم : 56 ] فوق المؤمنين بسبعمائة درجة بين كل درجتين كما بين السماء والأرض . وفي الخبر : أكثر أهل الجنة البله وعليون لأولي الألباب . وعن النبي صلَّى الله عليه وسلم : فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب . وروينا في لفظ أبلغ من هذا كفضلي على أمتي . فالموقنون من المؤمنين أعلى إيمانا والعالمون من الموقنين أرفع مقاما ثم على قدر بياض الماء يستبين من القنديل حسنه وصفاؤه ومثل هذا العقل في صحته من الاعتلال وصفائه من كدر الأحوال والأموال ويجمع ذلك كله القنديل وهو القلب . فعلى قدر رقة القلب ولطف جوهره وصفائه من كدرة وحسن طهارته عن الآثار تكون هذه العلوم فيه والأنوار وجوهر الزجاجة في الصفاء محتاج إلى صفاء الماء كما أن صفاء الماء محتاج إلى صفاء الجوهر وبمعيارهما يكون القلب والعقل ووقود النور محتاج إلى قوّة الفتيلة ومدد الزيت فبموضعها في القوّة والمدد يكون العلم باللَّه تعالى واليقين ذلك تقدير العزيز العليم وكل قلب اجتمع فيه ثلاثة معان لم يفارقه خواطر الهوى الجهل والطمع وحب الدنيا ثم يضعف خاطر الهوى ويقوى على
214
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 214