responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 212


ويخفي لضعف المعاني ودقتها ويقوي اليقين ويظهر بقوتها لأن هذه الثلاثة مكان اليقين أحدها الإيمان وموضعه من اليقين مكان حجر النار والثاني العلم ومكانه موضع الزناد والثالث العقل وهو مكان الحراق فإذا اجتمعت هذه الأسباب قدح خاطر اليقين في القلب . ومثل القلب في قوته بقوة مدده وفي صفائه بجودة عدده مثل المصباح في القنديل إلى مكان العقل منه والزيت موضع العلم به وهو روح المصباح وبمدده يكون ظهور اليقين والفتيلة مكان الإيمان منه وهي أصله وقوامه الذي يظهر بها ، فعلى قدر قوة الفتيلة وجودة جوهرها يقوى اليقين وهو مثل الإيمان في قوته بالورع وكماله بالخوف وعلى مقدار صفاء الزيت ورقته واتساعه تضيء النار التي هو اليقين وهو مثل العلم في مدد الزهد وفقد الهوى فصار العلم مكانا للتوحيد فتمكن الموحد في التوحيد على قدر المكان . وقد قال الله تعالى : * ( فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا الله ) * [ محمد : 19 ] وقال تعالى : * ( فَاعْلَمُوا أَنَّما أُنْزِلَ بِعِلْمِ الله وأَنْ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ ) * [ هود : 14 ] فقدم العلم على التوحيد فصار أوّله فكلما اتسع القلب بالعلم باللَّه وزهد في الدنيا ازداد إيمانا وعلا لأنه يرى في علوّه ما لا يراه غيره ويعلم في اتساعه ما لا يعلمه سواه فيكبر المؤمن فيكون ذلك مزيد إيمانه وقوته ثم يشهد كل ما آمن به فيكون بذلك قوة نفسه وسعة مشاهدته وكلما قصر علم القلب باللَّه تعالى وبمعاني صفاته وأحكام ملكوته قلّ إيمان هذا العبد ثم أشهد ما آمن به من وراء حجاب لما غلب عليه من حب الأسباب وسمع الكلام من خلف ستر لعجزه عن المسارعة إلى البر فيضعف بذلك إيمانه ويتخيل مشاهدته ولا يتحقق فليس من علم من صفات الله سبحانه وتعالى وقدرة آياته مائة ألف معنى ثم شهدها كلها من قرب عن كشف مثل من علم منها عشرة معان ثم شهدها من بعد عن حجاب وهما مؤمنات معا لكن بين إيمانهما في القرب والعلوّ والزيادة والنقصان كما بين العشرة إلى مائة ألف فيكون إيمان قلب المسلم معشار معشار عشر إيمان قلب الموقن والمعشار هو عشر العشر جزء من مائة جزء ويكون إيمان قلب المؤمن فيما بين ذلك من الزيادة على العشر والنقصان من مائة ألف على قدر قسمه .
ومثل ذلك فيما نعقله مثل رجل قال لك : إن عندي فلانا فقد حصل لك علم أنه عنده غير أن هذا العلم غير يقين لأنه يجوز أن يكون قد اشتبه عليه أو يكون قد كان عنده ثم خرج وليس هو الآن عنده وهذا مثل إيمان المسلم هو على علم خبر لا خبر . ثم إنك تأتي إليّ فتسمع كلامه من وراء حجاب فقد علمت الآن أنه عندي لأنك سمعت كلامه واستدللت به على كونه . إلا أن هذا العلم أيضا غير تحقيق لأن الأصوات تشتبه والأجرام تتقارب . ولو قلت لك بعد ذلك : لم يكن عندي وإنما كان ذلك غيره أشبه صوته

212

نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 212
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست