responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 176


أظن ليل هؤلاء ليل سوء ما يقيلون وفي الخبر قيلوا فإن الشياطين لا تقيل واستعينوا على قيام الليل بقائلة النهار وقد قيل في قوله عزّ وجلّ : * ( واسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ والصَّلاةِ ) * [ البقرة : 45 ] قيل بالصوم على قيام الليل وقيل : استعينوا بالجوع وصلاة الليل على مجاهدة النفس وقيل : استعينوا بالصبر والصلاة على اجتناب النهي .
وأما الصمت فإنه يلقح العقل ويعلم الورع ويجلب التقوى ويجعل الله عزّ وجلّ به للعبد بالتأويل الصحيح والعلم الرجيح مخرجا ويوفقه بإيثار الصمت للقول السديد والعمل الرشيد . وقد قال بعض السلف : تعلمت الصمت بحصاة جعلتها في فمي ثلاثين سنة كنت إذا هممت بالكلمة تلجلج بها لساني فيسكت . وقال بعضهم : جعلت على نفسي بكل كلمة أتكلم بها فيما لا يعنيني صلاة ركعتين فسهل ذلك عليّ فجعلت على نفسي بكل كلمة صوم يوم فسهل عليّ فلم أنته حتى جعلت على نفسي بكل كلمة أن أتصدق بدرهم فصعب ذلك فانتهيت . وقال عقبة بن عامر : يا رسول الله فيم النجاة ؟ قال : أملك عليك لسانك وليسعك بيتك وابك على خطيئتك وقال صلَّى الله عليه وسلم في الخبر الجامع المختصر :
من سره أن يسلم فليلزم الصمت وأوصى رسول الله صلَّى الله عليه وسلم معاذا بالصلاة والصيام وغير ذلك ثم قال في آخر وصيته : ألا أدلك على ما هو أملك لك من ذلك كله . هذا وأومأ بيده إلى لسانه فقلت : يا رسول الله وإنا لمؤاخذون بما تتكلم به ألسنتنا فقال : ثكلتك أمك يا معاذ وهل يكب الناس على مناخرهم في جهنم إلا حصائد ألسنتهم إنك ما سكت فإنك سالم فإذا تكلمت فإنما هو لك أو عليك وقال عبد الله بن سفيان عن أبيه . قال : قلت يا رسول الله أوصني بشيء في الإسلام لا أسأل عنه أحدا بعدك فقال : قل ربي الله ثم استقم قال :
قلت فما أتقى بعد ذلك . وفي لفظ آخر ذلك وفي لفظ آخر فأخبرني بأضر شيء عليّ فقال هذا وأومأ إلى لسانه . وفي الخبر لا يتقي العبد ربه تعالى حق تقاته حتى يخزن من لسانه .
وفي الحديث لا يصلح العبد حتى يستقيم قلبه ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه وقال ابن مسعود : ليس شيء أحق بطول سجن من لسان . وقال بعض السلف : فتشت الورع فما وجدت في شيء أقل منه في اللسان . وقال بعض العلماء : ما استقام لسان عبد إلا عرفت الصلاح في سائر عمله وما اختلف لسانه إلا عرفت الفساد في سائر عمله وقال بعض الحكماء : إذا كثر العقل قل الكلام ، وإذا قل العقل كثر الكلام . وقال أحمد بن حنبل :
علماء أهل الكلام زنادقة . وقال بعض هذه الطائفة : من تكلم فأحسن كثير ولكن الشأن فيمن يحسن أن يسكت . وقال ذو النون المصري : الخوف يقلق والحياء يسكت . وقال بعض العارفين : قد جزئ العلم على قسمين : نصفه سكوت ونصفه أن تدري أين تضعه .

176

نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 176
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست