responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 156


على عبادة الليل لما فيها من مجاهدة النفس وكف الجوارح لأن النهار مكان حركة الغافلين وموضع ظهور الجاهلين فإذا سكن العبد عند حركة الغافلين وموضع ظهور الجاهلين كان هو التقي المجاهد والفاضل العابد . وقد قيل إن العبادة ليست الصوم والصلاة حسب بل أفضل العبادة أداء الفرائض واجتناب المحارم وتقوى الله عزّ وجلّ عند اكتساب الدرهم وهذا من أعمال النهار . وقد قال الله عزّ وجلّ : * ( وهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ ويَعْلَمُ ما جَرَحْتُمْ بِالنَّهارِ ) * [ الأنعام : 60 ] رأى ما كسبت جوارحكم فعلق الاجتراح بالنهار ثم يبعثكم فيه فإذا لم يعلم من عبد اجتراحا بالنهار ولم يبعثه فيه في مخالفة فمن أفضل منه ؟ وكان الحسن يقول : أشد الأعمال قيام الليل بالمداومة على ذلك ومداومة الأوراد من أخلاق المؤمنين وطرائق العابدين وهي مزيد الإيمان وعلامة الإيقان وسئلت عائشة رضي الله عنها عن عمل رسول الله صلَّى الله عليه وسلم فقالت : كان عمله ديمة وكان إذا عمل عملا أتقنه وهذا كان سبب ما نقل عنه صلَّى الله عليه وسلم من صلاته بعد العصر ركعتين أنه كان ترك مرة ركعتي النافلة بعد الظهر شغله الوفد عن ذلك فصلاهما بعد العصر ثم لم يزل يصليهما بعد العصر كلما دخل منزله روت ذلك عنه عائشة وأم سلمة ولم يكن يصليهما في المسجد لئلا يستن الناس به . وفي الخبر المشهور : أكلفوا من الأعمال ما تطيقون فإن الله عزّ وجلّ لا يملّ حتى تملوا . وفي الحديث الآخر : أحب الأعمال إلى الله عزّ وجلّ ما ديم عليه وإن قل . وقد روينا في خبر : من عوّده الله عزّ وجلّ عبادة فتركها ملالة مقته الله تعالى . وفي خبر عن عائشة رضي الله عنها وقد أسنده بعض الرواة من طريق كل يوم لا أزداد فيه علما فلا بورك لي في صباح ذلك اليوم . وقد جاء في الخبر كلام تارة يروى عن الحسن بن علي وتارة يروى عن الحسن البصري ومرة عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلم سمع يقول من استوى يوماه فهو مغبون ومن كان يومه شرّا من أمسه فهو محروم ومن لم يكن في مزيد فهو في النقصان وفي لفظ آخر من لم يتفقد النقصان من نفسه فهو في نقصان ومن كان في نقصان فالموت خير له ولعمري إن المؤمن شكور والشاكر على مزيد .

156

نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 156
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست