نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 124
وهي عليه فإن شاء نزعها بعد ذلك وليخرج إلى الله عزّ وجلّ خاشعا متواضعا ذا سكينة ووقار وإخبات وافتقار وليكثر من الدعاء والاستغفار وينوي في خروجه زيارة مولاه في بيته والتقرّب إليه بأداء فريضته والعكوف في المسجد إلى حيث انقلابه ثم لينوِ كف جوارحه عن اللهو واللغو ويتقِ الشغل حين يخدم مولاه وليترك راحته في ذلك اليوم في مهناه من عاجل حظ دنياه وليواصل الأوراد فيه فيجعل أوله إلى انقضاء صلاة الجمعة للخدمة بالصلاة وأوسطه إلى صلاة العصر لاستماع العلم ومجالس الذكر وآخره إلى غروب الشمس للتسبيح والاستغفار . فكذلك كان المتقدمون يقسمون يوم الجمعة هذه الأقسام الثلاثة وإن صامه فحسن يضم إليه يوم الخميس أو يضيف إليه يوم السبت وقد كره إفراده بصوم ومن لم يصمه وكان أهل فالمستحب أن يجامع فيه فقد روي فضل ذلك وكان بعض السلف يفعله . وقد روينا عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم : من غسل واغتسل وغدا وبكر ودنا من الإمام ولم يلغ كان له بكل خطوة صيام سنة وقيامها . وفي خبر آخر : ودنا من الإمام واستمع كان له ذلك كفارة لما بين الجمعتين وزيادة ثلاثة أيام . وفي لفظ آخر : غفر له إلى الجمعة الأخرى وقد اشترط في بعضها ولم يتخطَّ رقاب الناس . فمعنى قوله : من غسل بالتشديد أي غسل أهله كناية عن الجماع . وبعض الرواة يخففه فيقول : غسل واغتسل فيكون معناه غسل رأسه واغتسل لجسده وليتق أن يتخطَّى رقاب الناس فإن ذلك مكروه جدا وقد جاء فيه وعيد شديد إن من فعل ذلك جعل جسرا يوم القيامة على جهنّم تتخطاه الناس وقال ابن جريج حديثا مرسلا أن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم بينما هو يخطب يوم الجمعة إذ رأى رجلا يتخطَّى رقاب الناس حتى تقدم وجلس فلما قضى النبي صلَّى الله عليه وسلَّم صلاته عارض الرجل حتى لقيه فقال يا فلان ما منعك أن تجمع اليوم معنا ؟ فقال : يا نبي الله قد جمعت فقال : أو لم أراك تتخطَّى رقاب الناس ؟ وفي حديث مسند أن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم قال له : ما منعك أن تصلَّي معنا الجمعة ؟ فقال : أو لم ترني ؟ قال : قد رأيتك تأنيت وآذيت ، أي تأخرت عن البكور وآذيت بالحضور ، ولا يقعد إلى القصاص في يوم الجمعة فقد كره ذلك ولا في حلقة قبل الصلاة . فقد روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن عبد الله بن عمران أنّ النبي صلَّى الله عليه وسلَّم نهى عن التحلَّق يوم الجمعة قبل الصلاة إلَّا أن يكون عالما باللَّه عزّ وجلّ يذكر بأيام الله ويفقه في الدين يتكلم في الجامع بالغداة فيجلس إليه فيكون جامعا بين البكور إلى الجمعة وبين الاستماع إلى العلم . وقد روينا عن بعض علماء السلف قال : إن الله تعالى فضلا من الرزق سوى أرزاق العباد لا يعطي من ذلك الفضل إلا من سأله عشية الخميس ويوم الجمعة . وفي
124
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 124