نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 115
وإنما يجد حلاوة الإخلاص الزاهدون في الدنيا وفي مدح الناس لهم به ويتلذذون بنصح المعاملة وصدق الخدمة المحبون لله عزّ وجلّ الخائفون منه واعتبار فقد ذلك بأحد شيئين : سقوط النفس باستواء المدح والذم وهذا حال في مقام الزهد ، أو الخلو من القلب بشهادة اليقين وهذا في مقام المعرفة . وفي هذين المقامين يستوي السر والعلانية وقد تكون العلانية أفضل لأئمة التقوى والعدل . وحدثت عن رجل من أهل الخير قال : كنت أقرأ في السحر في غرفة لي شارعة سورة طه فلما ختمتها غفوت بعدها فرأيت شخصا نزل من السماء بيده صحيفة بيضاء فنشرها بين يدي فإذا فيها سورة طه وإذا تحت كل كلمة عشر حسنات مثبتة إلا كلمة واحدة فإني رأيت مكانها محوا ولم أر تحتها شيئا فغمني ذلك فقلت : قد والله قرأت هذه الكلمة ولم أر لها ثوابا ولا أراها أثبتت فقال الشخص صدقت قد قرأتها وكتبناها لك إلا أنا سمعنا مناديا ينادي إمحوها وأسقطوا ثوابها فمحوناها فبكيت في منامي وقلت : لم فعلتم ذلك قالوا : مرّ رجل فرفعت صوتك بها لأجله فمحوناها . وقد روينا أن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم سمع رجلا يجهر بقراءته فناداه : يا فلان أسمع الله ولا تسمعني واعلم أن السمعة مقرونة بالرياء ومحكوم لها بحكمه من فساد العمل ونقصان العامل وهي مأخوذة من السمع . كان العبد يسمع بعمله غير الله عزّ وجلّ ويحب أن يسمع به مخلوقا ليمدحه به لغلبة هواه وضعف نفسه فيكون قد أشرك في عمله غير الله عزّ وجلّ فيبطل عمله لجهله بالتوحيد إذ لو علم يقينا أن لا نافع إلا الله عزّ وجلّ ولا ضار ولا معطي ولا مانع إلا إياه خلص له توحيد من الشرك فخلص له عمله من الرياء . وكذلك الرياء مأخوذ من رأي العين فالسمعة هي بمعناه . وفي الخبر : لا يقبل الله عزّ وجلّ من مسمع ولا مراء . وفي خبر آخر : من سمع سمع الله به ومن راءى راءى الله به وصغره وحقره . فأما من كانت له نية صالحة في أن يسمع أخاه كلام الله ليتعظ به ويتدبره أو ينتفع باستماعه ويتذكر به فليس داخلا في السمعة لوجود حسن النية وصحة القصد ولفقد اقتران الآفة لإرادة طمع عاجل من مدح أو غرض دنيا . كما قال أبو موسى لرسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم : لو علمت أنك تسمع لحبرته لك تحبيرا . فلم ينكر عليه لأنه ذو نية في الخير وحسن قصد به . وقال الآخر الذي رفع صوته بالآية أسمع الله عزّ وجلّ ولا تسمعني فأنكر عليه لما شهد السمعة فيه . وقد روينا أنه صلَّى الله عليه وسلَّم مرّ برجل يظهر التأوّه والوجل فقال : من كان معه يا رسول الله ؟ أتراه مرائياً ؟ ؟ ؟ فقال : لا بل أوّاه منيب واعلم أن الأكل والنوم على السلامة والصدق أفضل في
115
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 115