responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 114


لأن كل واحد منهما على قدر إنصاته ونيته . فإذا كان التالي مكسبا لغيره هذه الأجور فإن له بكل أجر أكسبه إياه أجرا يكتسبه لقوله صلَّى الله عليه وسلَّم الدال على الخير كفاعله سيما إذا كان عالما بالقرآن فقيها فيه فيكون مقراه ووقوفه حجة وعلما لسامعه . وفي الخبر أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم كان ينتظر عائشة رضي الله عنها فأبطأت عليه . فقال : ما حبسك ؟ فقالت : يا رسول الله كنت أستمع قراءة رجل ما سمعت صوتا أحسن منه . فقام صلَّى الله عليه وسلَّم حتى استمع إليه طويلا ثم رجع فقال : هذا سلام مولى أبي حذيفة الحمد لله الذي جعل في أمتي مثله واستمع أيضا ذات ليلة إلى قراءة عبد الله بن مسعود ومعه أبو بكر وعمر رضي الله عنهم فوقفوا طويلا ثم قال : من أراد أن يقرأ القرآن غضا كما أنزل فليقرأ على قراءة ابن أم عبد . وقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم لابن مسعود : اقرأ فقال يا رسول الله أقرأ وعليك أنزل . فقال إني أحب أن أسمعه من غيري فكان يقرأ وعينا رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم تفيضان وذلك عند قوله : * ( فَكَيْفَ إِذا جِئْنا من كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً ) * . واستمع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم إلى قراءة أبي موسى فقال : لقد أوتي هذا مزمارا من مزامير داود فبلغ ذلك أبا موسى فقال : يا رسول الله لو علمت أنك تسمع إليّ لحبرت لك تحبيرا . وكان ابن مسعود يأمر علقمة بن قيس أن يقرأ بين يديه فيقول له : رتل فداك أبي وأمي . وكان حسن الصوت بالقرآن . وفي الخبر كان أصحاب رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم إذا اجتمعوا أمروا أحدهم أن يقرأ سورة من القرآن .
وقد كان عمر يقول لأبي مسعود رضي الله عنهما : ذكرنا ربنا فيقرأ عنده حتى كاد وقت الصلاة أن يتوسط فيقال : يا أمير المؤمنين الصلاة الصلاة . فيقول : أو لسنا في صلاة ؟
فكأنه يتأول قوله عزّ وجلّ . ولذكر الله أكبر . وقال بعض عباد البصريين لما وضع بعض البغداديين كتابا في معاني الرياء ودقائق آفات النفوس . قال : لقد كنت أمشي بالليل أسمع أصوات المتهجدين كأنها أصوات الميازيب . فكان في ذلك أنس وحث على الصلاة والتلاوة حتى جاء البغداديون بدقائق الرياء وخفايا الآفات فسكت المتهجدون فلم يزل ذلك ينقص حتى ذهب وانقطع وترك إلى اليوم ، فإن لم يكن للتالي نية في شيء مما ذكرناه وكان ساهيا غافلا عن ذلك وكان واقفا مع شيء من الآفات أو لمح في قلبه شخص أو ساكن ذكرى هوى فقد اعتل فعليه أن يحتمي الجهر فإن جهر على ثقل قلبه فسد عمله لاستكنان الداء فيه وكان إلى النقصان أقرب ومن الإخلاص أبعد فعليه حينئذ بالإخلاص فهو دواؤه يعالج به حاله فإنه أصلح لقلبه وأسلم لعمله وأحمد في عاقبته . وقد يكون العبد واجدا لحلاوة الهوى في الصلاة والتلاوة وهو يظن أن ذلك حلاوة الإخلاص وهذا من دقيق شأن الشهوة الخفية ولطيف الانتقاص . وقد يلتبس ذلك على الضعفاء ولا يفطن له إلا العلماء ،

114

نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 114
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست