نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 105
قَليلًا ) * [ النساء : 83 ] وآخر الكلام : * ( لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطانَ ) * [ النساء : 83 ] . وقد قيل إن قوله إلا قليلا مستثنى من الأول في قوله : * ( وإِذا جاءَهُمْ أَمْرٌ من الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذاعُوا به ) * [ النساء : 83 ] إلَّا قليلا منهم وفي هذا بعد والأول أحب إليّ . وعلى هذا المعنى قرأ ابن عباس في رواية عنه لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم جعله متصلا بقوله تعالى : * ( ما يَفْعَلُ الله بِعَذابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وآمَنْتُمْ ) * [ النساء : 147 ] إلا من ظلم وصار آخر الكلام لا يحب الله الجهر بالسوء من القول فاصلا ومثل هذا قوله تعالى : * ( والَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ في الأَرْضِ ) * [ الأنفال : 73 ] إنما هو من صلة قوله : * ( وإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ في الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ ) * [ الأنفال : 72 ] إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض . وكذلك قوله في أوّل السورة : * ( لَهُمْ مَغْفِرَةٌ ورِزْقٌ كَرِيمٌ ) * [ الأنفال : 74 ] كما أخرجك ربك من بيتك بالحق ليس هذا من صلة الكلام إنما هو مقدم ومتصل في المعنى بقوله : * ( قُلِ الأَنْفالُ لِلَّهِ والرَّسُولِ ) * [ الأنفال : 1 ] و * ( كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ من بَيْتِكَ بِالْحَقِّ ) * [ الأنفال : 5 ] . أي فصارت أنفال الغنائم لك إذ أنت راض بإخراجك وهم كارهون فاعترض بينهما الأمر بالتقوى والإصلاح والوصف بحقيقة الإيمان والصلاح فأشكل فهمه . وعلى هذا قوله عزّ وجلّ : * ( حَتَّى تُؤْمِنُوا بِالله وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْراهِيمَ لأَبِيهِ لأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ ) * [ الممتحنة : 4 ] إنما هو موصول بقوله تعالى : * ( قَدْ كانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ في إِبْراهِيمَ والَّذِينَ مَعَهُ . . . إِلَّا قَوْلَ إِبْراهِيمَ لأَبِيهِ لأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ ) * [ الممتحنة : 4 ] لأنها نزلت في قولهم فقد استغفر إبراهيم لأبيه وهو مشرك عند قوله : لأستغفر لك ربّي فقالوا : فهلَّا نستغفر لآبائنا المشركين . فنزلت هذه الآية ليستثني القدوة في إبراهيم في هذا ثم نزلت الآية الأخرى معذرة له أوعده إياه إلى أن علم موته على الكفر فقال وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه الآية . وكذلك قوله عزّ وجلّ : * ( ورَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِيناً فَمَنِ اضْطُرَّ في مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجانِفٍ لإِثْمٍ ) * [ المائدة : 3 ] . وهذا متصل بقوله : * ( حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ ) * [ النحل : 115 ] إلى آخر المحرمات . ثم قال : * ( فَمَنِ اضْطُرَّ في مَخْمَصَةٍ ) * [ المائدة : 3 ] يعني مجاعة ومثل ما ذكرناه من علم القرآن كثير وإنما نبهنا بيسير على كثير ودللنا بنكت على جم غفير ليستدل بما ذكرناه على نحوه ويتطرق به إلى مثله وهذا كله على ضروب كلام العرب ومعاني استعمالهم ووجوه استحسانهم أنه في كلامهم المطوّل للبيان والمختصر للحفظ والمقدم والمؤخر للتحسين وكله فصيح بليغ ، لأن وصف البلاغة عندهم رد الكثير المنثور إلى القليل المجمل وبسط القليل المجمل إلى المبثوث المفسر
105
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 105