responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 66


يكون له يعد موته كما كان العبد له قبل نومه فلينظر على أي حال نام وعلى أي هم توفاه الله عليه وليتذكر بانتباهه البعث فإن العبد يبعث على ما مات عليه في الدنيا فيبعث بهمه ويحشر مع محبوبه كما ينتبه النائم عن همه إلى محبوبه الذي نام عنه . وفي الخبر أن المرء مع من أحب وله ما احتسب . وروي عنه صلَّى الله عليه وسلَّم : من مات على مرتبة من المراتب بعث عليها يوم القيامة . وروينا عن كعب الأحبار قال : إذا نمت فاضطجع على شقك الأيمن واستقبل القبلة بوجهك فإنها وفاة .
بيان آخر من الاعتبار لأهل التبصرة والتذكار وليعلم العبد أن الله عزّ وجلّ يكون له بعد بعثه من قبره كما كان العبد له بعد بعثه من نومه ، فلينظر إلى أي حال يبعث . وإن كان العبد لنظر مولاه مكرما ولشأنه معظما ولحرماته معظما وإلى محبوبه ومرضاته ومسرته من النعيم المقيم مسرعا كان الله تعالى في آخرته لوجهه مكرما . وإن كان العبد في حق مولاه متهاونا وبأمره مستخفا ولشعائره مستصغرا كان الله تعالى له مهينا وبشأنه متهاونا . قال الله تعالى : * ( وما يَسْتَوِي الأَعْمى والْبَصِيرُ ) * [ فاطر : 19 ] ، والذين آمنوا وعملوا الصالحات ولا المسئ . ثم قال : * ( قَلِيلًا ما تَذَكَّرُونَ ) * [ الأعراف : 3 ] ، موبخا لهم بذلك . وقال في مثله : * ( أَ فَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ ) * [ القلم : 35 ] ، ثم قال : * ( ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ) * [ القلم : 36 ] ، ذاما عائبا لحكمهم ؟ ثم أخبر بحكمه فيهم فقال : * ( أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَواءً مَحْياهُمْ ومَماتُهُمْ ساءَ ما يَحْكُمُونَ ) * [ الجاثية : 21 ] . هكذا تقدير الكلام وهو من المقدم والمؤخر . فرفع حسناتهم وأخبر بسوء حكمهم ثم ذكر حكمهم عنده في المحيا والممات فقال : * ( سَواءً مَحْياهُمْ ومَماتُهُمْ ) * [ الجاثية : 21 ] ، أي كما كانوا في الحياة كذلك يكونون بعد الوفاة . ثم عقب ذلك بذكر عدله في خلقه فقال : * ( وخَلَقَ الله السَّماواتِ والأَرْضَ بِالْحَقِّ ولِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ وهُمْ لا يُظْلَمُونَ ) * [ الجاثية : 22 ] فكان هذا فصل الخطاب وتذكار أولي الألباب .
وقال في معناه وأمر بتدبر كلامه وأمر بتذكر العقلاء عن خطابه فقال : * ( كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ ولِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الأَلْبابِ ) * [ ص : 29 ] ، هل يتدبرون فيجدون أنا نجعل المفسدين أو نجعل المتقين كالفاسقين وهو قوله تعالى : * ( أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كَالْمُفْسِدِينَ في الأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ ) * [ ص : 28 ] ، فالتدبر التفهم . والتذكر التقوى والعمل . وروينا عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم من أحب أن يعلم منزلته عند الله عزّ وجلّ فلينظر كيف منزلة الله تعالى من قلبه فإن الله عزّ وجلّ ينزل العبد

66

نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 66
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست