responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 65


ويتحدثون وهو لا يتكلم فيما بينهم إلى يوم القيامة فيقول بعضهم لبعض : هذا المسكين مات عن غير وصية فيكون ذلك حسرة عليه بينهم . وموت الفجأة تخفيف ومستحب للمؤمن الفقير للثواب الذي لا مال له ولا دين عليه فأما المثقل بالدين والمخلط في الدين ومن له مال أو هو مصر على مطل فإن موت الفجأة لهؤلاء عقوبة ومكروه . ولا ينبغي للعبد أن يبيت إلا تائبا من كل ذنب ، سليم القلب لجميع المسلمين ، لا يحدث نفسه بظلم أحد ، ولا يعقد على الخطيئة إن استيقظ . وقد جاء في الخبر : من أوى إلى فراشه لا ينوي ظلم أحد ولا يحقد على أحد غفر له ما اجترم وليستقبل في نومه القبلة واستقبال القبلة ، على ضربين إن كان مستلقيا فاستقباله القبلة أن يكون وجهه إليها مع أخمص قدميه كحال الميت المسجى وإن كان نائما على جنب فاستقبال القبلة أن يكون وجهه إليها مع شقه الأيمن كهيئة الملحد في قبره فسيصير إليه عن قريب وليذكر بنومه على هذين الحالين عند موته وحين اضطجاعه في قبره . وقد قال الله عزّ وجلّ : * ( أَ لَمْ نَجْعَلِ الأَرْضَ كِفاتاً . أَحْياءً وأَمْواتاً ) * [ المرسلات : 25 - 26 ] ، في أحد الوجهين وهو مذهب أهل التفسير أي يكفتهم ويجمعهم أحياء على ظهرها وأمواتا في بطنها . وقد جعل الله سبحانه وتعالى النوم من آياته الدالة عليه لأهل السمع منه وهو سمع اليقين وقرنه بالابتغاء من فضله فقال عزّ وجلّ : * ( ومن آياتِهِ مَنامُكُمْ بِاللَّيْلِ والنَّهارِ وابْتِغاؤُكُمْ من فَضْلِهِ إِنَّ في ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ ) * [ الروم : 23 ] ، وكان فقراء أهل الصفة وبعض زهاد التابعين إذا رقدوا لا يجعلون بينهم وبين الأرض شيئا . كان أحدهم يباشر التراب بجلده ويطرح ثوبه فوقه ويقول : منها خلقناكم وفيها نعيدكم . كأنهم كرهوا الترفع عليها والوقاية منها يجدون ذلك أرق لقلوبهم وأبلغ في تواضعهم . ومثل النوم عند أهل الاعتبار مثل البرزخ هو بين الدنيا والآخرة كذلك النوم بين الحياة والموت فإذا كشف حجاب النوم ظهرت الدنيا بالحكمة وكذلك إذا كشف الغطاء ظهرت الآخرة بالقدرة فصارت الدنيا كالأحلام في النوم وقد قال الله عزّ وجلّ : * ( وهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ ويَعْلَمُ ما جَرَحْتُمْ بِالنَّهارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ ) * [ الانعام : 60 ] وكان بعضهم يقول عجبا لمن يعصي الله عزّ وجلّ ثم ينام بعد ذلك .
وذكر بعض العلماء عن الله عزّ وجلّ : إن كنتم تعصوني فأخرجوا من بساطي ولا تناموا في قبضتي . وقال لقمان لابنه : يا بني إن كنت تشك في الموت فلا تنم ، فكما أنك تنام فكذلك تموت . وإن كنت تشك في البعث فإذا نمت فلا تنتبه ، فكما أنك تنتبه بعد نومك فكذلك تبعث بعد موتك . فليتذكر العبد عند نومه حين موته وليعلم أن الله تعالى

65

نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 65
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست