نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 417
سبحانه لا يظهر من حاله ونصيبه شيئا لقوة التمكين وفضل العقلاء ولا يبخس من نصيبهم منه شيئا لحقيقة العدل ، ولا يتظاهر بشيء لحقيقة الزهد ونهاية الخشوع والتواضع ، ولا يظهر عليه شيء لمكانة القوة ورسوخ العلم والحكمة ، وعلى منهاجه وسنته وصف العارفين من أهل البلاء الذين هم الأمثل فالأمثل بالأنبياء . وقال بعض أهل المعرفة : من طالب الخلق بعلمه وخاطبهم بعقله ، فقد بخسهم حقوقهم منه ، ولم يقم بحق الله تعالى فيهم . وقال بعض العلماء : لا يكون إماما من حدث الناس بكل ما علمه وأظهر لهم نصيبه وكان يحيى بن معاذ يقول : لا تخرج أحدا من طريقه ولا تخاطبه بغير علمه فتتعب ، ولكن أغرف له من نهره ، واسقه بكأسه . وسئل بعض العلماء عن العارف ، هل يستوحش من الخلق ؟ قال : لا يستوحش ، ولكن قد يكون نفورا ، قيل : فهل يستوحش منه ؟ فقال العارف لا يستوحش منه ، ولكن قد يهاب . ومما يدلك أن الخوف اسم لحقيقة العلم أن في قراءة أبي بن كعب في قوله تعالى : * ( فَخَشِينا أَنْ يُرْهِقَهُما ) * [ الكهف : 80 ] فخاف ربك أن يرهقهما . وقال يحيى بن زياد النحوي : ومعناه فعلم ربك . وقال : الخوف من أسماء العلم والله أعلم . بيان آخر في معنى الخوف والخوف أيضا من أسماء المعاني ، فوجوده بانتفاء ضده فإذا عدم من القلب الأمن من كل وجه من أحوال الدنيا وأمور الآخرة ، فلم يأمن مكر الله تعالى في كل الأحوال ، في تصريف أحكام الدنيا وتقليب حركات القلوب والنفوس ، وجواذب الشهوات ، وإثارة طبائع العادات ، ولم يسكن إلى عرف ولا اعتياد ، ولم يقطع بسلامته وبراءته في شيء كان هذا خوفا ، وسمى العبد بفقد الأمن من جميع ذلك خائفا ، فهذا مستعمل فاش في كلام العرب ، ومذهبهم . يقول أحدهم : أخاف من كذا إذا لم يأمنه ، أو أخاف أن يكون كذا إذا تحقق علمه . وقيل لبعض العلماء : ما بال العارف يخاف في كل حال ؟ فقال : لعلمه أن الله تعالى قد يأخذ في جميع الأحوال .
417
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 417