responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 342


ويحدث نفسه به متى قدر عليه ولا ينوي توبة ولا يعقد استقامة ولا يرجو وعدا بحسن ظنّه ولا يخاف وعيدا لتمكَّن أمنه ، فهذا هو حقيقة الإصرار ومقام بين العتو والاستكبار . وفي مثل هذا جاء الخبر : هلك المصرّون قدما إلى النار ونفس هذا هي الأمّارة وروحه أبدا من الخير فرّارة ويخاف على مثله سوء الخاتمة لأنه في مقدماتها وسالك طريقتها ولا يبعد منه سوء القضاء ودرك الشقاء ولمثل هذا قيل من سوف الله تعالى بالتوبة أكذبه وأن اللعنة خروج من ذنب إلى أعظم منه ، وهذه الطائفة في عموم المسلمين ، وهم في مشيئة الله من الفاسقين . كما قال تعالى : * ( مُرْجَوْنَ لأَمْرِ الله ) * [ التوبة : 106 ] أي مؤخرون لحكمه إما يعذبهم بالإصرار وإما يتوب عليهم بما سبق من حسن الاختيار نعوذ باللَّه تعالى من عذابه ونسأله نعيما من ثوابه ، وهذا آخر كتاب التوبة .
شرح مقام الصبر ووصف الصابرين وهو الثاني من مقامات اليقين .
قد جعل الله عزّ وجلّ الصابرين أئمة المتقين وتمّم كلمته الحسني عليهم في الدين فقال تعالى : * ( وجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا ) * [ الأنبياء : 73 ] لما صبروا . وقال تعالى :
* ( وتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنى عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ بِما صَبَرُوا ) * [ الأعراف : 137 ] . وقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلم : إن في الصبر على ما تكره خيرا كثيرا . وقال المسيح عليه السلام : إنكم لا تدركون ما تحبون إلا بصبركم على ما تكرهون . وقال بعض الصحابة : ما ذا جعل الله تعالى من الشقاء والفضل في التقى والصبر . وقال ابن مسعود : الصبر نصف الإيمان . وقد جعل علي كرم الله وجهه الصبر ركنا من أركان الإيمان وقرنه بالجهاد والعدل والإيقان فقال : بني الإسلام على أربع دعائم ، على اليقين ، والصبر ، والجهاد ، والعدل . وقال عليّ كرم الله وجهه : الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد لا جسد لمن لا رأس له ولا إيمان لمن لا صبر له . ورفع رسول الله : الصبر في العلو والفضل إلى مقام اليقين وقرنه به .
وكذلك قال تعالى : * ( وجَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا وكانُوا بِآياتِنا يُوقِنُونَ ) * [ السجدة : 24 ] . وأخبر النبي لله : إن من أوتي نصيبه منهما لم يسأل ما فاته . وأخبر عليه السلام : إن الصبر كمال العمل والأجر . فقال في حديث يرويه شهر بن حوشب الأشعري عن أبي أمامة الباهلي عن النبي صلَّى الله عليه وسلم قال : من أقلّ ما أوتيتم اليقين وعزيمة الصبر ومن أعطى حظه منهما لم يبال ما فاته من قيام الليل وصيام النهار ولأن تصبروا على مثل ما أنتم عليه أحبّ إليّ من أن يوافيني كل امرئ منكم بمثل عمل جميعكم ، ولكني أخاف أن تفتح عليكم الدنيا بعدي فينكر بعضكم بعضا وينكركم أهل السماء عند ذلك . فمن صبر

342

نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 342
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست