نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 297
ذكر تفصيل العلوم ومعروفها وقديمها ومحدثها ومنكرها اعلم أن العلوم تسعة : أربعة منها سنّة معروفة من الصحابة والتابعين وخمسة محدثة لم تكن تعرف فيما سلف . فأما الأربعة المعروفة فعلم الإيمان وعلم القرآن وعلم السنن والآثار ، وعلم الفتاوى والأحكام . وأما الخمسة المحدثة ، فالنحو والعروض ، وعلم المقاييس ، الجدل في الفقه ، وعلم المعقول بالنظر ، وعلم علل الحديث وتطريق الطرقات فيه وتعليل الضعفاء وتضعيف النقلة للآثار فهذا العلم من المحدث إلا أنه علم لأهله فيسمعه أصحابه منهم . وقد كانوا يرون القصص بدعة وينهون عنه ويكرهون مجالسة القصّاص . وقال بعض العلماء نعم الرجل فلان لو لا أنه يقصّ . وقال بعض هذه الطائفة : مثل أصحاب الحكايات في أهل المعرفة مثل القصّاص في الفقهاء . وقال آخر : مثل القصّاص في العلماء مثل أهل السواد في أهل المدن . فأما أكل الدنيا بالدين وأخذها على الصلاح وبيع العلم بالدنيا والتصنع والتزين للعموم فمن قبيح ما أحدث ، وهو أظهر من أن يدل على فساده عند من عرف ظاهر العلم . وقد سمّى هؤلاء في زماننا هذا الجاهلون بالعلم علماء وجعلهم الناقصون عن الفضل فضلاء لقلة معرفتهم بطريق المتقدمين وعدم بصيرتهم بحقيقة علم الدين . وأعلم أن الكلام ينقسم عندنا سبعة أقسام : العلم منه قسم واحد ، وسائر الستة لغو مطرح يلتقطه من لا يعرفه ولا يفرق بين العلم والجهل . والعرب تقول : لكل ساقطة لاقطة ولكل قائلة ناقلة . فالستة إفك وسفه وخطأ وظنّ وزخرف ووسوسة . فهذه أسماؤها عند العلماء يفصلون ذلك بما فصل الله تعالى لهم من بيانه واستحفظهم من كتابه وجعلهم شهداء على دينه وعباده . فالقسم السابع من الكلام هو ما عدا هذه الستة ، ولم يقع عليه اسم منها مذموم ، فهو علم وهو نصّ القرآن والسنة أو ما دلَّا عليه . واستنبط منهما أو وجد فيهما اسمه ومعناه من قول وفعل . والتأويل إذا لم يخرج عن الإجماع داخل في العلم والاستنباط إذا كان مستودعا في الكتاب يشهد له المجمل ولا ينافيه النصّ فهو علم . وقد كان ابن مسعود رضي الله عنه يقول : أنتم اليوم في زمان الهوى فيه تابع للعلم وسيأتي عليكم زمان يكون العلم فيه تابعا للهوى . وقد جمع الله تعالى بين رونق العقل ومتعة الدنيا بتسمية الزخرف فقال تعالى : * ( ولِبُيُوتِهِمْ أَبْواباً وسُرُراً عَلَيْها يَتَّكئُنَ . وزُخْرُفاً ) * [ الزخرف : 34 ] وكما قال : « زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً » فذهاب الجاهل بالاستحسان لزخرف القول من المموّه من غلّ الدنيا كمتعة الجاهل من أبناء الدنيا بزخرف الذهب ذاهبا عن حقيقة الأمر والزخرف ما يموّه على الذهب . فيشبه به يحسبه الجاهل والصبي عين الذهب . كذلك الزخرف من القول : ما
297
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 297